وأكثر ما تعيبهم به الشعوبية قلة اهتمامهم بالمباني والمعاقل، وأن معظمهم أهل خيام وإبل مجبولين على الغارات وسفك الدماء وطلب الثأر.
والسهم المصيب في جواب من استهدف للغض منهم بالاهمال في البوادي أنهم جبلوا على إطعام الطعام، وإعداد القرى لمن يجتاز بهم من المرتادين والسالكين من أخلاط الفرق الذين يشيعون بالذكر بذلك في كل مكان يحلونه ويمرون به. وذلك لا يتمكن في الحاضرة كما يتمكن في البادية. وقد ملأوا أشعارهم برفع النيران للضيفان، واستدلالهم بنباح الكلاب، وما أشبه ذلك من خواص البادية. ويكفي من التمثل في ذلك قول إمامهم في هذا الشأن:
الليل فيه ظلمة وقر
فشعشع النيران يا شمر
عل يرى نارك من يمر
إن جلبت ضيفاً فأنت حر
وأيضاً فإن سكان البادية عذرهم أبسط في تقديم ما يتيسر للضيف كألبان الغنم، وصيد الغلاة، وغير ذلك لا يلزمهم التقيد بالتجمل الذي يلزم أهل الحاضرة، ويؤدي إلى الامتناع من إظهار القليل إذا أعوز الكثير.