من بينهم قصيراً أحمر أبرش، وأمه بنت صائغ من فدك؛ وكان أبوه قد جعله في حجر عدي بن زيد. ولما مات المنذر جعل أبرويز ملك الفرس على أمره وولده إياس بن قبيصة الطائي، وجعل يختبر أولاد النعمان، ويقال إنهم كانوا ثلاثة عشر، فخلا عدي بن زيد بكل واحد منهم وجعل يقول له: إذا سألك كسرى وقال لك: أتكفيني أمر العرب؟ فقل: نعم إلا النعمان! وقال للنعمان: إن سألك عن إخوتك فقل: إن عجزت عنهم فأنا عن غيرهم أعجز؛ فكان ذلك سبب ولاية النعمان.
وكان عدي بن مرينا الشاعر يريد ولاية أخيه الأسود بن المنذر، فاتفق معه في الباطن على السعي في هلاك عدي بن زيد، وأخذ ابن مرينا في إلطاف النعمان بالهدايا والتحف - وكان كثير الأموال، وكان عدي بن زيد غائباً عن النعمان بباب أبرويز يرسم النيابة لملك العرب والترجمة على عادتهم في ذلك. فجعل ابن مرينا إذا جرى ذكر عدي بن زيد أثنى عليه، ووضع من يقول إثر ذلك: إلا أنه يمن على الملك ويقول: لولاي ما ملك! ويتبعون ذلك بما يملأ قلب النعمان عليه، إلى أن وضعوا عليه كتاباً بما يسوء النعمان، وعرضوا حامله لأن يعثر عليه، فحمل للنعمان، فلم يملك النعمان حلمه، وأرسل إلى عدي بن زيد يستعجله ويستزيره؛ فلما وصل إليه حبسه، وجعل عدي يخاطبه بالأشعار المشهورة التي منها: