وأشباح التخيل، نام بنصال الهيكل الطبيعي، محدث للشجاع جبنا وللجبان شجاعة، يكسو كل إنسان عكس طباعه حتى يبلغ به المرض النفساني والجنون الشوقي فيؤديانه إلى الداء العضال الذي لا دواء له. وقال تلميذه أرسطاطاليس: العشق عمى العاشق عن عيوب المعشوق. وهذا كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "حبك الشيء يعمي ويصم".والذي مشى عليه أبو علي ابن سينا وغيره من الأطباء، أنه مرض وسواسي شبيه بالماليخوليا، يجلبه المرء إلى نفسه بتسلط فكرته على استحسان بعض الصور والشمائل، وقد تكون معه شهوة جماع وقد لا تكون. وقال سيد الطائفة الجنيد رحمه الله: العشق إلفة رحمانية وإلهام شوقي أوجبهما كرم الإله على كل ذي روح لتحصل به اللذة العظمى التي لا يقدر على مثلها إلا بتلك الإلفة وهي موجودة في الأنفس بقدر مراتبها عند أربابها، فما أحد إلا عاشق لأمر يستدل به على قدر طبقته من الخلق، ولأجل ذلك كان أشرف المراتب في الدنيا مراتب الذين زهدوا فيها مع كونها معاينة، ومالوا إلى الأخرى مع كونه مخبرا لهم عنها بصورة اللفظ. وقال الأصمعي: سألت أعرابية عن العشق فقالت: جل والله عن أن يرى، وخفي عن أبصار الورى، فهو في الصدور كامن ككمون النار في الحجر، إن قدحته أورى، وإن تركته توارى. وقال أبو وائل الأوضاحي: إن لم يكن طرفا من الجنون فهو عصارة من السحر. وقالت أعرابية: هو تحريك الساكن، وتسكين المتحرك.