كله في تحرير ما أودعه عمر بن الفارض من مراتب العشق وأدواره، وتنقلاته وأطواره، لفني الزمان ولم يدرك معشاره، وبادت الأكوان ولم يعرف قراره، ولولا ضيق عطن هذا المختصر، لأوضحت لك من بعض تدقيقاته في أقل كلماته ما يدعك في حيرة الفكر، وببحار العجب غارقا، ويسكتك وإن كنت مصعقاً ناطقاً.
فأول مراتبه: الهوى: وهو: ميل النفس، وقد يراد به نفس المحبوب.
ثم العلاقة: وهي: الحب اللازم للقلب.
ثم الكلف: وهو: شدة الحب، وأصله من الكلفة، وهي: المشقة. وقيل: هو مأخوذ من الأثر، وهو شيء يعلو الوجه كالسمسم. والكلف أيضا: لون بين السواد والحمرة، وهي حمرة كدرة.
ثم العشق: وهو: اسم لما فضل عن المقدار الذي اسمه الحب، قال في "الصحاح": هو فرط الحب. وهو أمر هذه الأسماء، وقلما نطقت به العرب، وكأنهم ستروا اسمه وكنوا عنه بهذه الأسماء، ولا تكاد تجده في شعرهم القديم وإنما ولع به المتأخرون. ولم يقع هذا اللفظ في الكتاب العزيز والسنة المطهرة، إلا في حديث سويد بن سعيد.
ثم الشغف: قال العزيزي في "غريب القرآن": (شغفها حبا) [يوسف:30] أصاب حبه شغاف قلبها، وهو الغلاف، أو حبة القلب، وهي علقة سوداء في صميمه، و (شغفها حباً) ارتفع