فإذا انصرفت، أعد عليه ذكر العقد، ثم أعلمني بما يقول لك.
ففعل الحاج ذلك.
فلمّا كان في اليوم الرابع، جاء عضد الدولة في موكبه العظيم، فلمّا رأى الحاج، وقف، وقال: السلام عليكم.
فقال الحاج: وعليكم السلام، ولم يتحرّك.
فقال: يا أخي، تقدم إلى العراق، ولا تأتينا، ولا تعرض علينا حوائجك.
فقال له: ما اتّفق هذا.
ولم يزده على ذلك شيئا، هذا والعسكر واقف بأكمله، فانذهل العطار وأيقن بالموت.
فلمّا انصرف عضد الدولة، التفت العطار إلى الحاج، وقال له:
يا أخي، متى أودعتني هذا العقد؟ وفي أيّ شيء هو ملفوف؟ فذكّرني لعلّي أتذكّر.
فقال: من صفته كذا وكذا.
فقام، وفتّش، ثم فتح جرابا، وأخرج منه العقد، وقال: الله يعلم أنّني كنت ناسيا، ولو لم تذكّرني به، ما تذكّرت.
فأخذ الحاج العقد، ومضى إلى عضد الدولة، فأعلمه، فعلّقه في عنق العطار، وصلبه على باب دكانه، ونودي عليه: هذا جزاء من استودع فجحد.
ثم أخذ الحاج العقد، ومضى إلى بلاده.
ثمرات الأوراق للحموي 144