ومن ذلك، ما حكي أنّه:
قدم رجل إلى بغداد، ومعه عقد يساوي ألف دينار، فأراد بيعه، فلم يتّفق، فجاء إلى عطار موصوف بالخير والديانة، فأودع العقد عنده.
وحجّ، وأتى بهدية للعطّار، وسلّم عليه، فقال: من أنت؟ ومن يعرفك؟.
فقال: أنا صاحب العقد، فلما كلمه، رفسه، وألقاه عن دكانه.
فاجتمع الناس، وقالوا: ويلك، هذا رجل صالح، فما وجدت من تكذب عليه، إلّا هذا؟
فتحيّر الحاج، وتردّد إليه، فما زاده إلّا شتما وضربا.
فقيل له: لو ذهبت إلى عضد الدولة «1» ، لحصل لك من فراسته خير.
فكتب قصّته، وجعلها على قصبة «2» ، وعرضها عليه.
فقال له: ما شأنك؟، فقص عليه القصة.
فقال: اذهب غدا، واجلس في دكان العطار، ثلاثة أيّام، حتى أمرّ عليك في اليوم الرابع، فأقف، وأسلّم عليك، فلا تردّ عليّ إلّا السلام،