كان غير المجتهد المطلق مجتهدًا مقيدًا بقسميه إذا عجز المجتهد المقيد عن الاجتهاد بناء على الراجح من جواز تجزيء الاجتهاد فيقلد في بعض مسائل الفقه وبعض أبوابه كالفرائض إذا لم يقدر على الاجتهاد في ذلك لقوله تعالى ((فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)). وقيل لا يقلد العالم وإن لم يكن مجتهدًا لأن له صلاحية أخذ الحكم من الدليل بخلاف العامي ولا فرق في لزوم التقليد بين المسائل الفقهية والعقلية نعم قد يستقل غير المجتهد بمعرفة البرهان العقلي كالأستاذ أبي إسحاق الأسفرايني والباقلاني وأبن فورك وشيخهم أبي الحسن الأشعري قال في الآيات البينات فإن الظاهر أنه لم يصل إلى رتبة الاجتهاد في الفروع الذي هو المراد هنا لأنه الذي يلزم تقليد صاحبه ولا يخفى أنه لا سبيل إلى إلزام مثل هؤلاء تقليد من ثبتت له رتبة الاجتهاد المذكور في العقائد بل لا يجوز له ذلك بل سيأتي الخلاف في صحة الإيمان مع التقليد. هـ.
وقيل يشترط في جواز التقليد إن كان عالمًا لم يبلغ رتبة الاجتهاد أن يتبين له صحة اجتهاد من قلده بدليل بأن يبين مستنده ليسلم من لزوم أتباعه في الخطأ الجائز عليه ومنع الأستاذ أبو إسحاق التقليد في القواطع كالعقائد وكل مسألة فقهية مدركها قاطع كوجوب قواعد الإسلام الخمس:
وهو للمجتهدين يمتنع ... لنظر قد رزقوه متسع
بكسر السين نعت نظر يعني أن التقليد لا يجوز في الفروع لمن بلغ رتبة الاجتهاد لأجل ما عندهم من النظر الذي يسع جميع المسائل بالصلاحية فإن حصل له ظن الحكم باجتهاده بالفعل حرم عليه التقليد إجماعًا وإن صلح لذلك الظن لاتصافه بصفات الاجتهاد حرم عليه ذلك عند مالك وأكثر أهل السنة لتمكنه من الاجتهاد فيه الذي هو أصل التقليد ولا يجوز العدول عن الأصل الممكن إلى بدله كما في الوضوء والتيمم وذهب أحمد إلى الجواز لعدم علمه به الآن وقيل يجوز للقاضي لحاجته إلى فصل الخصومات المطلوب تعجيله بخلاف غيره وقال محمد ابن الحسن يجوز تقليد الأعلم منهم لرجحانه بخلاف المساوي والأدون