يعني أن التقليد في عرف أهل الأصول هو التزام الأخذ بمذهب الغير من غير معرفة دليله الخاص وهو الذي تأصل أي صار أصلًا ومستند المذهب ذلك الغير سواء عمل بمذهب الغير أو لم يعمل به لفسق أو غيره وسواء كان المذهب قولًا أو فعلًا أو تقريرًا خلافًا للمحلي في تخصيصه المذهب بالقول دون الفعل وهو مردود بأن الزركشي ذكر أن السبكي ضرب على القول وأثبت بدله المذهب وقضية كلامه في منع الموانع إنكار وقوع التعبير بالقول منه وقد أنكر إمام الحرمين على من أخذ القول قيدًا في الحد وقال ينبغي الإتيان بلفظ يعم القول والفعل قوله من غير معرفة دليله الخاص يعني بحيث يكون مستنبطًا للحكم منه دون توقف على غيره بأن يعرف وجه الدلالة من الدليل وينتقل عنه إلى الحكم على الإطلاق من غير أن يتقيد بغيره في مقامات الدليل وشروطها وهذه المعرفة لا تكون إلا للمجتهد لأن العالم وإن أمكنه الاستنباط بأن يعرف الدليل ووجه الدلالة منه وينتقل منه إلى الحكم لكنه يحتاج في ذلك إلى ملاحظة قواعد المجتهد وشروطه في الاستدلال ولا يقدر على الخروج عنها فإن عرف بعض المسائل تلك المعرفة فهو مجتهد فيها فقط بناء على جواز تجزئ الاجتهاد إما مع معرفته أنه يجب عليه الأخذ بقول المجتهد المفتي فهي تلقيد وكذا يقال في الرجوع إلى الإجماع وقبول خبر الواحد والأخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ القاضي بقول الشهود وليست تقليدًا على رأي الأمدي وأبن الحاجب وغيرهما القائلين إن التقليد هو أخذ القول من غير قيام حجة على الأخذ وقد قامت الحجة على أن جميع المذكورات دليل شرعي لوجود الحجة بالمعجزة وعصمة النبي صلى الله عليه وسلم والإجماع ولوجوب قبول غيرها ومن مسائل التقليد أخذ عامي بقول عامي آخر وإنما قلت في تعريف التقليد التزام مذهب ولم نقل الأخذ بمذهب إلخ ... لأنه لا يشترط في التقليد العمل بمذهب الغير كما تقدم:
يلزم غير ذي اجتهاد مطلق ... وإن مقيدًا إذا لم يطق
فاعل يلزم ضمير التقليد ومطلق بفتح اللام نعت ذي أو اجتهاد والمقيد بفتح الياء يعني أن التقليد يلزم من ليس مجتهدًا مطلقًا وإن