عصره الذي يتميز بالمناقشة وسوق الردود للإحاطة بالنقط التي يتعرض لها من مختلف الجوانب، ومع تمحيصه -بهذه الصورة -للمسائل ومناقشته لها، فهو يشعرك أنك منصف في مناقشته، إيجابي الروح في نظرته إليها، فإذا ما وقف أمام خلاف لفظي، أو جدال جانبي عقيم ترفع عنه قائلًا: لا مساحة في الاصطلاح.
ويستوقف فكرك وأنت تقرأ هذا المصنف الجامع، كثرة نقول المؤلف عن غيره، ولا غرابة في هذا، فقد بين منهجه في ذلك علمًا بتقيده بالنقل عن كبار علماء الإسلام بشكل عام وعلماء المذهب المالكي بشكل خاص، ذلك أن يجلي المسألة، ويقربها إلى القارئ بأسهل وأمتع ما يستطيع.
ومما يتميز به، أمانته في النقل إذا نقل، حيث أنه يعزو كل عبارة إلى صاحبها بكامل النزاهة، وهذا ما كان يتسم به أسلافنا من العلماء رحمهم الله تعالى (يعزون الفضل لأهله والقول لصاحبه).
وقد استعرض المؤلف رحمه الله تعالى في شرحه هذا مباحث الأصول كلها كباقة شهية، فدونكها أيها العالم والباحث والطالب وقد أخرجتها إليك وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في بهاء ورواء وحلة قشيبة وطبعة أنيقة بعد أن نفذت كل نسخ هذا الكتاب التي كانت مطبوعة بفاس بالمطبعة الحجرية، فلم يكن من اليسير الحصول عليه قبل أن يقدم في هذه المطبعة الجديدة المصححة.
حفظ الله مولانا أمير المؤمنين، وأدامه ذخرًا لهذه الأمة يرعى نهضتها، ويصون تراثها، ويبعث مفاخرها العلمية وأمجادها الفكرية، موالاة لمأثرات العرش العلوي، في رعاية العلم والثقافة، ومناقبه الجلي في ترسيخ أصالة هذه البلاد، وإثراء مقومتها الحضارية.
وأقر عين سيدنا الإمام بصاحب السمو الملكي ولي عهده الأمير الجليل سيدي محمد، وصنوه الأمير السعيد مولاي رشيد وكافة أفراد الأسر الملكية الشريفة أنه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير.