وأول من ألف فيه كما هو معلوم الإمام الهاشمي المطلبي محمد بن إدريس رحمه الله تعالى 150/ 204 عندما أشار عليه شيخه عبد الرحمان بن مهدي فجمع بعض القواعد في كتابه المسمى الرسالة وهو مطبوع.
ثم توالت فيه المؤلفات المختلفة ذات المناحي المتعددة فكتب أتباع الشافعي في منحاه. وأصحاب أبي حنيفة في منحاه، كذلك ومثلهم أصحاب الإمام مالك والإمام أحمد، وحاول آخرون الجمع بين الطريقة الشافعية والحنفية، وهما الطريقتان البارزتان في هذا العلم. وكانت الكتب ما بين مختصر، ومتوسط يأخذ اللاحق من السابق، ويناقشه ويرد عليه أحيانًا لاسيما إذا كان من غير مذهبه.
ومن أهم المؤلفات في هذا الميدان، الرسالة للإمام الشافعي، وأحكام الأحكام لابن حزم الأندلسي والمستصفي للغزالي، وأصول البزدوى، وأوصل السرخيسي، وروضة الناظر لابن قدامة المقدسي والأحكام لسيف الدين الأمدي والموافقات لأبي إسحاق الشاطبي، وإرشاد الفحول للشوكاني، وجمع الجوامع لتاج الدين السبكي وغيرها.
والملاحظ بصفة عامة أن كتب المتقدمين أجزل عبارة وأظهر معنى وأسهل موردًا، وغالبًا ما كانت كتب المتأخرين تلخيصًا واختصارًا أو نظمًا أو شرحًا لأعمال من سبقهم أو تعليقًا عليها، ولكل فائدته.
ويعتبر المؤلف الذي بين أيدينا (نشر البنود على مراقي السعود) واحدً من المصنفات القيمة في هذا الفن.
وقد تفضل مولانا أمير المؤمنين، جلالة الحسن الثاني نصره الله وأيده، فأمر بطبع هذا الأثر العلمي النفيس ونشره، وذلك في إطار اهتمام جلالته الشريفة -حفظه الله روعاه -بإحياء التراث الإسلامي، وإغناء نهضتنا العلمية بكنوزه، وذخائره، ومنح أوسع الفرص للطلبة والباحثين والدارسين، للنهل من موارده، والكرع من حياضه وصلا لماضينا العلمي المجيد، بحاضرنا العلمي الزاهر، وترسيخًا لأصالة النهضة الثقافية العظيمة، التي تشمل مختلف الآفاق في هذا البلد الأمين، تحت ظل قيادة جلالته الحكيمة النيرة.
ومادة الكتاب عبارة عن شرح أرجوزة في هذا الفن، للمؤلف سيدي عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي واضع الأرجوزة والشرح معًا، وكما يلاحظ فقد كان يطل إطلالة العالم المتفتح الواعي على بقية المذاهب فيأخذ منها ويناقش ما أخذ ويرجح ويضعف كما ستراه، ولا ينسى مع كل هذا مالكيته التي ارتضاها واقتنع بها.
ولهذا فقد جاء هذا العمل وسطًا بين الإطناب والاقتضاب، تشعر وأنت تقرؤه أنك تقرأ لعالم ضليع من علماء الملة المتأخرين فتعيش مع أسلوب.