ذلك بدعة شنيعة وهفوة فظيعة وقائل ذلك النظام من المعتزلة والشيعة والخوارج والقائلون بحجيته الجمهور وإنما لم يكفر منكر حجيته لأنه لم يثبت عنده الأدلة السمعية الدالة على وجوب متابعة الإجماع فلم يتحقق منه كفر لأنه لم يكذب صاحب الشريعة فحيث جحد كونه حجة بعدما ثبت عنده ورود خطاب الشرع بوجوب متابعة الإجماع كان مكذبا لتلك النصوص والمكذب كافر فلذلك كفر جاحد المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة وعليه نبه بقوله:

والكافر الجاحد ما قد أجمعا ... عليه مما علمه قد وقعا

عن الضروري من الديني يعني أنهم كفروا إجماعا جاحد الحكم المجمع عليه المعلوم أي المقطوع بكونه من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة والصوم والزكاة والحج ووجوب اعتقاد التوحيد والرسالة وتحريم الخمر والزنا ولو كان مندوبا أو جائزا كحلية البيع والإجارة لكن قيده عياض وابن عرفة وغيرهما بغير حديث عهد بالإسلام وأما هو فلا يكفر بإنكاره ما ذكر والمعلوم بالضرورة هو ما يعرفه الخواص والعوام من غير قبول للتشكيك فالتحق بالضروريات فبان لك أن الضرورة في قولهم المعلوم من الدين بالضرورة ليس معناها استقلال العقل بالإدراك دون الدليل لأن أحكام الشرع عند أهل السنة لا يعرف شيء منها إلا بدليل سمعي ولكن لما كان ما اشترك خواص أهل الدين وعوامهم في معرفته مع عدم قبول التشكيك شبيها بالمعلوم ضرورة في عدم قبول التشكيك وعموم العلم أطلق عليه أنه معلوم بالضرورة لهذه المشابهة وقولنا فالتحق بالضروريات أعني في إطلاق ما ذكر عليه وإنما كفر جاحد ما ذكر لأن جحده يستلزم تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم فيه لأن سنده القطعي يصيره كمباشرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015