المخالف لا في نفس الأمر وليس ليغره إتباعه فيه لأن المجتهد لا يقلد مجتهدًا مع أن الأصل بقاء العام على عمومه وحجة التفصيل أن الصحابي إذا خالف مرويه دل ذلك على أنه أطلع منه صلى الله عليه وسلم على قرينة حالية دلت على تخصيص ذلك العام وأنه عليه السلام أطلق العام وأراد به الخاص وحده والتابعي الذي لم يشاهده لا يتأتي فيه ذلك مثاله حديث البخاري من رواية ابن عباس (من بدل دينه فاقتلواه) مع قوله أن ثبت عنه ان المرتدة لا تقتل.

وقولنا أن ثبت عنه إشارة إلى تضعيفه فان في سنده عبد الله بن عيسي الجزري فانه كذاب يضع الأحاديث ويحتمل أنه يرى أن من الشرطية لا تتناول المؤنث فلا تكون مخالفة في المتدة أن ثبت من التخصيص لمرويه قاله المحشيان.

واجزم بادخال ذوات السبب ... وأرو عن الإمام ظنا تصب

أما كون العام لا يقصر على صورة السبب التي ورد عليها فقد تقدم والمراد هنا أنها تدخل في ذلك العام جزماً أي قطعا عند الأكثر لوروده فيها لكنها قطعية بالقرينة لا بالوضع والمراد القرينة القطعية وإلا فمطلق القرينة لا يفيد القطع.

قوله وأرو أم من الراوية يعني: أن القرافي روى عن الإمام مالك أن دخول صورة السبب ظني ويعزي إلى الحنفية لدخولها في العام فعلى أنها قطعية لا تخرج منه بالاجتهاد وعلى القول الآخر بالعكس واستشكل محل الخلاف لأنه إن كان فرض المسألة وجود قرينة قطعية على ارادة السبب فكيف يسوغ القول بظن الدخول وإن كان غرضها انتفاء القرينة المذكورة فكيف يسوغ القول بالقطع وإن كان فرضها أعمل من وجود تلك القرينة وعدم وجودها فلا وجه لإطلاق واحد من القولين وأجاب في الآيات البينات بما لفظه اللهم إلا أن يكون منشأ الخلاف أن ورد العام بعد وجود ذلك السبب هل هو قرينة قطعية عادة على دخول أولا فادعي الجمهور الأول فلذا قالوا بقطعية الدخول والشيخ الإمام الثاني فلذا بظنيته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015