من الإنسان والمطر والخصب له معنى ذهني وخارجي، فما معنى هذه التفرقة؟ قال في الآيات البينات: إلا أن يكون المقصود مجرد التمثيل مع صحة جريان ما قيل في كل في الآخر أو يقال أن شمول كل من المطر والخصب الخارجي للأماكن أظهر من شمول الإنسان الخارجي والمعنى أنهم اختلفوا هل يطلق لفظ العام على المعنى حقيقة لتحقق معنى العموم فيه بمعنى شمول أمر واحد لأمور متعددة وللاكتفاء في حقيقته بتحقق الشمول للمتعدد وإن لم يتحقق أمر واحد شامل للمتعدد أو لا يطلق لفظ العام حقيقة إلا على اللفظ ولا يطلق على المعنى حقيقة مطلقا أو يفصل في المعنى بين الذهني فيطلق عليه حقيقة لوجود أمر واحد شامل لأمور متعددة وبين الخارجي فلا يطلق عليه إلا مجازا لعدم وجود أمر واحد شامل لمتعدد وإن تحقق فيه الشمول في الجملة.

واعلم أن منشأ الخلاف في كون العموم من عوارض المعاني الذهنية دون الخارجية هو الخلاف في وحدة الأمر الشامل لمتعدد، فمن اعتبر وحدته شخصية منع الإطلاق في المعاني الخارجية ومن فهم من اللغة أن وحدته أعم من الشخصية والنوعية أجاز الإطلاق حقيقة لقولهم مطر عام وخصب عام والوحدة فيهما نوعية وصوت عام والوحدة فيه شخصية واستشكل الفرق بين المطر والصوت حيث كانت وحدة الأول نوعية والثاني شخصية لأن كلا منهما كلي نظرا إلى مفهومه وجزئي نظرا إلى شخصه. وأجاب في الآيات البينات بأن الخارجي منهما لا يتصور أن يكون كليا إذ المطر الخارجي الواقع في المحال المتعددة أشخاص متعددة لكنها من نوع واحد بخلاف الصوت المسموع في المحال المتعددة فإنه شخص واحد عم جميع المحال التي يسمع فيها.

هل نادر في ذي العموم يدخل ... ومطلق أو لا خلاف ينقل

فما لغير لذة والفيل ... ومشبه فيه تنافى القيل

يعني: أن في دخول الصورة النادرة في حكم العام والمطلق خلافا منقولا عن أهل المذهب والنادر هو ما لا يخطر غالبا ببال المتكلم لندرة وقوعه. ولذا قال بعضهم: لا تجوز المسابقة على الفيل وجوزها بعضهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015