حكم لجاز ذلك قبل ورود الشرع وبعد وروده, وأجيب: بأن لا مانع من التزام جوازه قبل الشرع لاختلاف الحكم المثبت بقوله حكم الله والمنفي بقوله: أن لا حكم إذا المراد بالمثبت المعنى الأعم وهو الأمر الثالث والمراد بالمنفي أحد فرديه وهو إذن الشرع أو منعه وليس المراد بالأول هو الثاني فقط حتى يمتنع قوله قبل البعثة مع منافاته لقولهم لا حكم قبل البعثة الذي أريد به المعنى الثاني وعلى هذا فلا منافاة ولا تناقض في اثبات الحكم ونفيه إذ لا تناقض بين إثبات العام ونفي الخاص وبذلك يندفع جميع ما أعترض به الغزالي على إمام الحرمين كذا أجاب به في الآيات البينات.
وقولي قتل كفؤا له في صفات القصاص كذا قالوه فظاهره ولو كان أحدهما إماما أعظم أو عالما أو وليا لله تعالى دون الآخر قال في الآيات البينات لكن لا يبعد استثناء الإمام إذا ترتب على قتله مفاسد عظيمة وعدم من يقوم مقامه في دفع تلك المفاسد العظيمة فيجب الانتقال عنه ويمتنع الانتقال إليه وكذا يقال في العالم إذا لزم على قتله وهن في الدين أو ضياع العلم اما حيث لم يترتب على قتلهما ضرر مطلقا لوجود من يقوم مقامها فهو محل نظر وظاهر إطلاق الضبط بمجرد صفات القصاص جريان الخلاف فيهما, أما غير الكفء كالكافر فيجب الانتقال عن المسلم إليه لأن قتله أخف مفسدة وقد يكون لا مفسدة كما إذا كان حربيا.
الأخذ بالأول لا بالآخر ... مرجح في مقتضى الأوامر
وما سواه ساقط أو مستحب ... لذاك الاطمئنان والدلك انجلب
يعني: أنهم اختلفوا في مقتضى الأمر المعلق على أمر معنى كلي له جزيئات متباينة في القلة والكثرة هل هو الأول أي الأقل والأخف أو هو الآخر منها أي الأثقل والأكثر؟ والمرجح أي المختار عند القاضي عبد الوهاب كما في التنقيح أن الأمر المعلق على اسم يقتضي الاقتصار على أوله والزائد على ذلك إما مندوب أو ساقط أي غير معتبر فالساقط كزيادة الدلك فإن الشرع لم يندب زيادة الدلك والمستحب كزيادة