وارتكب الأخف من ضرين

يعني: إن ارتكاب أخف الضررين عند تقابلهما من أصول مذهبنا ومن ثم جبر المحتكر على البيع عند احتياج الناس إليه وجار المسجد إذا ضاق وجار الطريق والساقية إذا أفسدهما السيل وصاحب الجارية والفرس يطلبهما السلطان وكذا يجبر أهل السفينة إذا خاف الناس فيها الغرق على رمي ما ثقل من المتاع وتوزع قيمة ما طرح على ما معهم من المتاع ومثل الضررين المكروهان والمحظوران والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إذا التقى الضرران نفى الأصغر للأكبر)

وخيرن لدي استوا هذين

كمن على الجريح في الجرحى سقط ... وضعف المكث عليه من ضبط

يعني: أن المكلف مخير عند استواء الضررين ومن فروعها من سقط على جريح بين جرحى بحيث يقتله إذا بقي عليه وإن انتقل قتل كفؤا له في صفات القصاص لعدم موضع يعتمد عليه الأبدن كفء له وسواء كان السقوط باختيار أو بغير اختيار فهو مخير عند بعضهم لاستواء المقام والانتقال وقال قائلون يمكث وجوبا عند بعضهم لاستواء المقام والانتقال وقال قائلون يمكث وجوبا لأن الضرر لا يزال بالضرر مع إن الانتقال فعل مبتدأ بخلاف اللبث، وضعف هذا القول بعض من ضبط المسألة أي حققها بأن مكثه الاختياري كانتقاله ورجخه زكرياء بأن الانتقال استيناف فعل بالاختيار بخلاف المكث فإنه دوام ويعتفر فيه الابتداء قال في الآيات البينات بعد ما ذكر كلام زكرياء: ولا يبعد ترجيحه أيضا إذا كان السقوط باختياره ولأن الانتقال أو أحدهما لا حكم فيه من أذن أو منع لأن الأذن في الاستمرار والانتقال أو أحدهما يؤدي إلى القتل المحرم والمنع منهما لا قدرة على امتثاله مع استمرار عصيانه ببقاء ما تسبب فيه من الضرر بسقوطه إن كان باختياره وإلا فلا عصيان وقد سائل الغزالي أمام الحرمين عن قوله هنا لا حكم مع قوله لا تخلوا واقعة لله من حكم فقال له: حكم الله هنا أن لا حكم واعترض بأنه لو جاز أن يقال في الحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015