وإن بقي فساده كمن رجع ... عن بث بدعة عليها يتبع
أو تاب خارجا مكان الغصب ... أو تاب بعد الرمي قبل الضرب
قال أو إسحاق الشاطبي: أن من تاب بعد أن تعاطي السبب على كماله كالخارج من المكان المغصوب تائبا أي نادما على الدخول فيه عازما على عدم العود إليه فقد أتى بواجب عليه لأن فيه تقليل الضرر بشرط الخروج بسرعة وسلوك أقرب الطرق وأقلها ضررا وبشرط قصد ترك الغصب سواء كان قبل وجود مفسدته أو بعده، وارتفعت بل وأن بقي فساده أي لم يرتفع مثاله من تاب من بدعة بعد ما بثها في الناس وقبل أخذهم بها أو بعده وقبل رجوعهم عنها إذ لا توجد حقيقة التوبة الواجبة إلا بما أتى به من الخروج وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وكذا من تاب حال خروجه من المكان المغصوب فهو ءات بواجب وكذا من تاب لعد رمي السهم عن القوس وقبل الضرب أي الإصابة أما لو قصد بالخروج التصرف في ملك الغير دون التوبة فهو عاص اتفاقا كالماكث وقال أبو هاشم وهو من أكابر المعتزلة كأبيه أبي علي الجيائي: أنه ءات كالمكث والتوبة إنما تحقق عند انتهائه إذ لا أقلاع إلا حينئذ والإقلاع ترك المنهي عنه وذلك عنده قبيح فهو منهي عنه لذلك ومأمور به لأنه انفصال عن المكث وهذا بناه على أصله الفاسد وهو القبح العقلي لكنه أخل بأصل له آخر فاسد وهو منع التكليف بالمحال فأنه قال أن خرج عسى وأن مكث عصى فقد حرم عليه الضدين جميعا
وقال ذو البرهان أنه ارتبك ... مع انقطاع النهي للذي سلك
البرهان لإمام الحرمين في الأصول يعني: أن الإمام الحرمين قال فمن تاب بعد تعاطي السبب على كماله كالأمثلة المذكورة أنه مرتبك أي مشتبك في المعصية مع انقطاع تكليف النهي الذي هو إلزام الكف عن الشغل وإنما انقطع لأجل أخذه في قطع المسافة للخروج تائبا المأمور به فلا يخلص به من المعصية لبقاء ما تسبب فيه بدخوله من ضرر المالك بشغل ملكه عدوانا الذي هو حكمة النهي فاعتبر أمام الحرمين في