الإقدام والنسخ على جواز الأحجام فيحصل مجموع الجوازين من الأمر وناسخه لا من الأمر فقط، وصورة المسألة أن يقول الشارع: نسخت وجوبه أو رفعته مثلا لا أن قال رفعت ما دل عليه الأمر السابق من جواز الفعل والمنع من الترك فأن هذه المسألة يرتفع فيها الجواز اتفاقا ويثبت التحريم ولا يرد أن نسخ استقبال بيت المقدس لم يبق معه الجواز لأن انتفاء الجواز من دليل آخر لا من مجرد النسخ، هذا أن لم يثبت أن النسخ له برمته وجوبا وجوازا وإلا فلا ورود مطلقا قاله في الآيات البينات.
والمراد بالقاضي عنها عبد الوهاب كما رأيت لكن متى أطلق القاضي عند أهل الأصول فالمراد به القاضي أبو بكر الباقلاني.
وقوله للإباحة .. الخ يعني: أن الأقوال الثلاثة غير الأول، اتفقوا على أن الوجوب إذا نسخ بقى الجواز لكن اختلفوا في معنى الجواز فحمله الجمهور على رفع الحرج لأن الجواز يأتي بمعنى الأذن في الفعل الشامل للإباحة والندب والوجوب لكن الوجوب نسخ فيبقى ما سواه وبعضهم حمله على الإباحة بمعنى استواء الطرفين كما هو اصطلاح المتأخرين وإنما حملوه على الإباحة لأنه بارتفاع الوجوب ينتفي الطلب فيثبت التخيير وفيه عندي نظر لأن الوجوب أخص من الطلب ولا يلزم من رفع الأخص رفع الأعم ولم أر من تعرض لجوابه.
قوله وقيل: للندب يعني: أن بعضهم قال: أن الوجوب إذا نسخ بقى الجواز أي الاستحباب إذ المحقق بارتفاع الوجوب انتفاء الطلب الجازم فيثبت الطلب غير الجازم وهذا القول غريب من جهة النقل وأن كل ظاهرا من جهة العقل وظاهر كلام الغزالي وغيره يقتضي أنه لم يقل به أحد خلاف ما يقتضيه كلام ابن تيمية من وجوده. وفي مذهبنا مسائل تشهد له كما في طرو مبطل للصلاة أوجب الانتقال للتنقل أي السلام على نافلة أي شفع ووجهه كما في شرح حلولوا على جمع الجوامع أن الواجب مندوب وزيادة فإذا طرأ ما يبطله بقى المندوب ولم يبطله بالكلية.
وجوز التكليف بالمحال ... في الكل من ثلاثة الأحوال