لأن جهة الأمر غير جهة النهي ومنعوا دليل القولين الأولين وهو أنه لما لم يتحقق المأمور به بدون الكف عن ضده كان طلبه طلبا للكف أو متضمنا لطلبه فإن الملازمة في الدليل ممنوعة لجواز أن لا يحضر الضد حال الأمر فلا يكون مطلوب الكف به أمر يأمر بالشيء من لا شعور له بضده؟
ففاعل في كالصلاة ضدا ... كسرقة على الخلاف يبدى
إلا إذا النص الفساد أبدى ... مثل الكلام في الصلاة عمدا
فاعل مبتدأ خبره يبدى بالبناء للمفعول أي يظهر ويبنى على الخلاف المذكور إتيان المكلف في العباد بضدها هل يفسدها أو لا؟ والمشهور في السرقة صحة الصلاة وأدخلت الكاف من صلى بحرير أو ذهب أو نظر لعورة إمامه فيها فعلى أن الأمر بالشيء نهى عن ضده بطلب الصلاة إذا قلنا أن النهي يدل على الفساد. قوله كسرقة بسكون الراء لأن فعلا بكسر العين يجوز فيه تكسينها قال حلولوا: ويحتمل أن يكون مثار الخلاف النظر إلى تعدد الجهة وصحة الانفصال كالصلاة في الدار المغصوبة اهـ. ومحل الخلاف حيث لم يدل دليل على الفساد كالكلام في الصلاة عمدا كما أشار له بقوله: ألا إذا النص الفساد أبدي: الخ .. والفساد مفعول أبدى مقدم عليه
والنهي فيه غابر الخلاف ... أو أنه أمر على ائتلاف
وقيل لا قطعا كما في المختصر ... وهو لدى السبكي رأي ما انتصر
يعني: أن النهي النفسي عن شيء تحريما أو كراهة جرى فيه من الخلاف مثل ما في الأمر النفسي أي هل هو أمر بالضد أو يتضمنه أولا عينة ولا يتضمنه أو نهي التحريم يتضمنه دون نهي الكراهة فإن كان الضد واحد كضد التحرك فواضح أو أكثر كضد القعود أي القيام وغيره فالكلام في واحد من أيا كان بخلاف ما مر من أن الأمر بالشيء الذي له أكثر من ضد نهى عن أضداده الوجودية كلها إذ لا يتأتى الإتيان بالمأمور به إلا بالكف عنها كلها.