بالكلمة لازماً لها ليس من اللوازم التي تقصدها الناس بها فيتعذر بذلك فهم المقصود لأن تعارفهم على خلافه يمنع ذهن السامع له من فهم المراد منه فالمدار على خفاء القرينة لا على قلة الوسائط وكثرتها فلو اتضحت لم يكن تعقيدا وكذا إذا لم يكن للفظ لازم معهود استعماله فيه، وهذا النوع المنوع إجماعا يسمى مجاز التعقيد، وأهل البيان يسمونه التعقيد المعنوي والمراد بالانتقال من معنى إلى آخر توجيه النفس من المعنى الأصلي للفظ إلى المعنى المراد لعلاقة بينهما.
وحيثما استحال الأصل ينتقل ... إلى المجاز أولا قرب حصل
يعني: أنه حيث استحال حمل اللفظ على حقيقته وجب عندنا وعند الحنفية حمله على مجازه إن لم يتعدد وعلى الأقرب أن تعدد وسواء استحال عقلا أو شرعا أو عادة، قال الحطاب: عند قوله ولا ينقض ضفره رجل ولا امرأة إن مسحت على الوقاية أو حناء أو مسح رجل على العمامة وصلى لم تصح صلاته وبطل وضوءه إن كان فعل ذلك عمدا وإن فعل جهلا فقولان، ثم قال ذكر ابن ناجي أن ابن رشد حضر درس بعض الحنفية فقال المدرس الدليل لنا على مالك في المسح على العمامة أنه مسح على حائل أصله الشعر فإنه حائل فأجابه ابن شرد بأن الحقيقة إذا تعذرت انتقل إلى المجاز إن لم يتعدد وإلى الأقرب منه إن تعدد والشعر هنا أقرب والعمامة أبعد فيتعين الحمل على الشعر فلم يجد جوابا قائما وأجلسه بإزائه. فالحقيقة هي جلدة الرأس وقول الحنفي أصله الشرع يريد أنه مقيس عليه بجامع كون كل منهما حائلا بين المسح والجلدة والظاهر أن الحنفي موافق على وجوب الانتقال إلى الأقرب وإلا لما تأتي الاستدلال عليه بما ذكر لأن محل النزاع لا يستدل به كما هو معلوم. وقالت الشافعية: أن المجاز لا يتعين في العمل حيث استحالت الحقيقة بل هو لغو قاله السبكي وذكر كثير ممن تكلم عليه أن الشافعية لم يذكروا هذا الأصل.
وليس بالغالب في اللغات ... والخلف فيه لأن جنى آت
يعني أن المجاز ليس غالبا في اللغات أي المفردات والمركبات خلافا لابن جنى بكسر الجيم وسكون الياء معرب كنى بين الكاف والجيم