قال المحلي: فإن أنواع الروائح مع كثرتها جدًا ليس لها ألفاظ لعدم انضباطها ويدل عليها التقييد كرائحة المسك فليست محتاج إلى ألفاظ وكذلك أنواع الألم. وعبارة المحصول لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ بل لا يجوز، واقتصر في الحاصل على نفي الوجوب وفي المنتخب على نفي الجواز وعبارة السبكي تحتملهما.

قوله لعدم انضباطها، أي فإنها منتشرة جدًا لا تدخل تحت ضابط فلا تتعقل للبشر عادة دفعة فيستحيل منهم الوضع لمصلحة تخاطب التعقل وإما على القول بأن اللغة توقيفية فالوضع لمصلحة تخاطب البشر ولا تخاطب فيما لا يعقلون فلا وضع لانتفاء المصلحة قاله المحشي. ولم يبينوا المعاني المحتاجة من غيرها لتعذر ذلك أو تعسره وقيدنا الاحتياج بالقوة لأنه كما في الآيات البينات ما من معنى إلا وهو محتاج في الجملة.

واللغة الرب لها قد وضعا ... وعزوها للاصطلاح سمعا

اللغة مبتدأ والجملة بعده خبره وعزوها مبتدأ خبره سمع بالبناء للمفعول يعين أن اللغة عربية كانت أو غيرها واضعها هو الله تعالى علمها عباده بالوحي إلى بعض الأنبياء وهو آدم عليه السلام أو خلق الأصوات في بعض الأجسام بأن تدل من يسمعها من بعض العباد عليها، أو خلق العلم الضروري في بعض الأجسام بها قال المحلي والظاهر من هذه الاحتمالات أولها لأنه المعتاد في تعليم الله تعالى، وكونها من وضعه تعالى هو مذهب الجمهور مستدلين بقوله تعالى: ((وعلم آدم الأسماء كلها)) أي الألفاظ والمراد بالأصوات جميع الألفاظ الموضوعة للمعاني وسواء كان البعض السماع لها واحدًا أو جماعة بحيث يحصل له أولهم العلم بأنها لتلك المعاني وسواء كان خلق العلم الضروري باللغات لواحد أو لجماعة بأن يعلم أو يعلموا أن الله قد وضعها لتلك المعاني المخصوصة.

وقال أكثر المعتزلة وبعض أهل السنة أن اللغات اصطلاحية أي وضعها البشر واحدًا كان أو أكثر مستدلين بقوله تعالى ((وما أرسلنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015