نسيم الصبا (صفحة 59)

فلم تزل تضطرم، وتستعر وتحتدم، إلى أن خمد لظى جمرها، وغاض ماء شررها وشرها، واضطجعت في مهادها، تحكي تحت غطاء رمادها:

دماً جرى من فواختٍ ذبحت ... عليه من ريشهن منشور

فراقني ما شاهدت من حالهما، وأمعنت النظر في منقلبهما ومآلهما، وقمت من شكر المنعم بأداء الفرض، وقلت بلسان التعظيم: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

ثم إن الصحب مالوا إلى الكرى، وطال عليهم - مع كونهم جلوساً - شقة السرى، فوثبنا لاقتفاء أثر ما تقر عين الهاجع، وسألنا الحي القيوم أن يجعلنا من الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع.

الفصل الثالث عشر: في مدح العشق وذمه

سألني بعض المائلين إلى الهوى، المصابين بسهام الصبابة والجوى - الساهرين في الليل الطويل الذوائب، الذين صرفوا على المحبة حبات قلوبهم الذوائب - عن مراتب العشق وضروبه، وقبائل الحب وشعوبه، وهزله وجده، وجزره ومده، وشواهد شهده وسمه، وما قيل في مدحه وذمه، فأجبته إلى سؤاله، وجمعت بينه وبين آماله:

يقولون لي صفها فأنت بوصفها ... خبير أجل عندي بأوصافها علم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015