نسيم الصبا (صفحة 58)

واستمرت مولعة بشخصها، ساعيةً في نقضها ونقصها، حتى فني عمرها، وانفصل أمرها، وانحل عقدها، وعز على الجماعة فقدها:

وقد فارق الناس الأحبة قبلنا ... وأعيا دواء الموت كل طبيب

وكان في المجلس كانون، يلقي فيه العود بغير قانون، يضم ناراً ذات لهب، له شرر شذره من ذهب، همتها علية، ومرآتها جلية. تعلو على الرماح في المواكب، وتزاحم الكواكب بالمناكب. فاكهتها في الشتاء محبوبة، وأعلامها للاصطلاء منصوبة، وهي بقضيب

الأبنوس لا بجزل الغضا مشبوبة:

كلما رفرف النسيم عليها ... رقصت في غلالةٍ حمراء

كأنها سبجُ على مرجان، أو زنجية بكفها كرة عقيان، أو شمس محجوبة بالغمام، أو ورد تبسم من خلال الكمام:

أو أشقرُ مطهم ... يموج تحت العثير

أو غادة قد ضمخت ... وجنتها بالعنبر

يهتم بها أقوام، هم واسطة عقد الأنام، كريمةُ أحسابهم، مفتوحة للوفود أبوابهم، يمتطون ذروة كل محبوك القرا ويبسطون موائد الفوائد والقرى:

إذا ضل عنهم ضيفهم رفعوا له ... من النار في الظلماء ألويةً حمرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015