نسيم الصبا (صفحة 55)

وأقدام لها على الفتك إقدام. تمشي كالقطا ولا تخطئ قياس الخطا:

كأن مشيتها من بيت جارتها ... مرّ السحابة، لا ريث ولا عجل

وعليها من الحلي والحلل، ما يفتن العقول ويدهش المقل. فمن در ثمين كثغرها، وبلور صافٍ كصدرها، وعقيق كشفتيها، وياقوت كوجنتيها. وسبج كأجفانها، وزمرذ كنقش بنانها، وقميص رقيق الحواشي، ومطرف يحار في وصفه الناشي:

إلى مثلها يرنو الحليم صبابةً ... إذا ما اسبكرّت بين درع ومجول

فلما أنست بالقوم، كفّت عنها لسان اللوم، وظهرت عن خلقٍ وسيم، وطباع ألطف من النسيم، ومنادمة تطرب الأسماع، ومداعبةٍ ما الصبر عنها بمستطاع، وملحٍ ألذ من الزلال، وحديث لو لم يجن قتل المحبّ لقيل هو السحر الحلال.

وحديثها السحر الحلال لو أنه ... لم يجن قتل المسلم المتحرز

إن طال لم يملل، وإن هي أوجزت ... ودّ المحدّث أنها لم توجز

والسعد يطلع نجمه، والشمع واقف في الخدمة. وعرف الطيب يفوح، وأعلام الهناء تلوح، وشمل الضد مفرق، والعود يحرك ويحرق. يا له ليلة محي ظلامها ونور الأفق ابتسامها، وحليت عروسها، وطلعت حارقةً للعادة شموسها. لم ير فيها ما يشين ويعيب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015