نسيم الصبا (صفحة 51)

فضل الأردان، في ليلة سما قدرها، وتجلى على السماء بدرها.

فلما وصلت إليه، وانتظمت في سلك المجتمعين لديه، ظهر لي أنه متشوف إلى قادم، ومتشوق إلى حضور منادم: فكشفت الخبر وتقمصت الأثر، فقيل لي إنه واعد بعض الحسان، وهو منتظر إياب الإحسان. فما أتممت الكلام واتصلت من العلم إلى المرام، إلا وقد أقبلت من الباب، خود تختلس الألباب، غادة رؤود طفلة أملود. كاعب رداح، ترتاح لها الأرواح. عديمة المثال، نشأت في حجر الدلال. يسرح الطرف في روض جمالها وينتزه، وتمحو بكثير محاسنها البديعة ذكر عزة، في حليها وحللها تميد وتميل، وبالجملة فهي بثينة الحسن لأن وجهها جميل.

فوقفت واستأنست، ثم سلمت وجلست، فسر الجماعة بورودها، وتملوا من جنة وجنتيها بورودها. وأقبل يمن إقبالهم، وأنشد لسان حالهم:

أهلاً وسهلاً من غادة سمحت ... بالوصل ليلاً ولم تحذر من الحرس

لما تبدت أضا الداجي، ولا عجب ... فطرة الصبح تمحو آية الغلس

فلما كشفت القناع، وصدق النظر السماع، تأملت أوصافها، وسبرت شمائلها وأعطافها، فرأيت ما يشرف النظر ويشنف السمع، ويذيب القلوب على ناره ذوب الشمع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015