وتمسكوا بجناب تقوى ربكم ... كي تسلموا من خزيه وعقابه
وإياكم والدنيا فإنها تمكر بصاحبها، وتهدي إلى أقاربها سم عقاربها. عامرها خراب، وغامرها سراب. أمدها قصير، وإلى الفناء تصير. صفوها كدر وجرحها هدر، والخاطر بها على خطر. لأنها لا تبقي ولا تذر، بحرها العميق، كم له من غريق. فاركبوا فيها من التقى فلكا منيعة، واجعلوا شراعها التمسك بعرا الشريعة، لعلكم تبلغون الساحل، ويقدم بشير بشركم الراحل، وهي قنطرة فاعبروها ولا تعمروها، واخشوا عيون شركها المفتوحة لكسركم واحذروها:
مجاز حقيقتها فاعبروا ... ولا تعمروا، هونوها تهن
فما حسن بيت له زخرف ... تراه إذا زلزلت لم يكن؟
ابن آدم ما أكثر حرضك، وشرك ومرضك، وأجزل حرصك وأشرك، وأقوى على من دونك ظفرك، وأضعف بمن فوقك ظفرك، وأخجل من يؤنبك، وأتعب من يتعبك، ووثبك إلى صيد الحرام، وأشد شرهك على الحطام. أما علمت أن الشره، في عين الرجل مره؟ لا بالقليل تقنع، ولا من الكثير تشبع، ولا إلى المواعظ تصغي، ولا تبغي أنك لا تبغي. أنفاسك معدودة وأوقاتك محدودة، ومالك عارية مردودة، وذاتك الموجودة عن قريب مفقودة: