لكن كيف يكون ذلك وعائشة صبية لا تزال تمرح في مهاد الطفولة؟ فهي في ذلك الوقت، وفي ذلك الطور من حياتها لم تكن تعرف شيئا عن الحياة الزوجية ومقتضياتها ... لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستطع أن يقول لا، ثم يقول لخولة:

- لكنها ما تزال صغيرة يا خولة.. وكأن خولة كانت قد أعدت للأمر عدته، وتأهبت له تماما فقد كانت تتوقع أن يثير لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فسرعان ما قالت له:

- تخطبها اليوم إلى أبيها، ثم تنتظر حتى تنضج ... لكن هل تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عامين أو ثلاثة أعوام حتى تنضج عائشة؟ إنه محتاج لمن تؤنس وحدته، ووحشته، وتقوم بشئون بيته وأولاده ... فلا بد من زواج عاجل يملأ هذا الفراغ مؤقتا حتى تستوي عائشة على عودها، ويستعجم أمرها في سنة أو اثنتين أو ثلاث سنوات ... ثم قالت خولة:

إن هناك امرأة ثيبا يمكن أن تكون زوجا له، وفي نفس الوقت تكون أما لبناته، وهي سيدة كريمة سمحة فاضلة مهاجرة في سبيل الله، ألا وهي «سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود العامرية» (?) .

ولم يتردد رسول الله صلى الله عليه وسلم لحظة بل وافق على ذلك، وأذن لخولة في خطبة سودة بنت زمعة عاجلا، وعائشة بنت أبي بكر بعد ذلك ...

وما إن أبلغت سودة بأمر رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، حتى طارت فرحا وغبطة وسرورا، لأن هذا شرفا عظيما، ومجدا أثيلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015