تجشمها، ومع تلاحق أحداث العنف والاضطهاد من القرشيين لم تكن هذه الأحداث الجارية بالممكن نسيانه أو التحرر من مراسه وسطوته وسلطانه على الضمير وعلى الوجدان.
إن حياة الوحدة، وأشغال البيت والبنات، وهموم الدعوة، مع ذكريات السعادة والهناء في كنف خديجة المؤمنة الصابرة المحتسبة مما يجعل الألم مبرحا ممضا عنيفا ... قاتل الله الهموم ... !!
لكن أحدا من صحابته صلى الله عليه وسلم لم يستطع ولم يجرؤ أن يتحدث معه في موضوع الزواج تحرجا من ذلك حتى لا يثير عنده كوامن الشجن ... لكن أقبلت خولة بنت حكيم السلمية (?) واقتربت من المنطقة المحظورة التي لم يقترب منها أحد، وصارحت رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يخالجها ويخامرها، ويعتمل في صدرها حتى تدفع عنه تلك الهموم والأنكاد والأحزان التي تروح وتغدو وتتظاهر عليه وتنال منه، وهو لا يستطيع لها دفعا، ولا منها تحررا.
عرضت خولة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واقترحت عليه أن يتزوج ... فأطرق عليه الصلاة والسلام مليا ثم سألها من تقصد بذلك؟ قالت خولة: «عائشة ... بنت أحب الناس إليك» .
إنها عائشة بنت أبي بكر الصديق (?) ، أول من صدق به وآمن من الرجال، وقد بذل من نفسه وماله ما لم يستطع أحد غيره أن يبذله.