وفي غار حراء نزل أمين السماء على أمين الأرض (?) ، ولم يكن في تلك اللحظه يدري محمد صلى الله عليه عن حقيقه الأمر شيئا، حيث لم يعرف ماذا يراد منه، ومن هو هذا الهاتف ناداه وألقى عليه روائع الكلم.
لم يكن يعرف أنه صار مرسلا اليه، وأصبح مبعوثا لقومه خاصة وللبشرية عامة، فأخذ منه الروع والفزع والفرق كل مأخذ، فانطلق في غبش الفجر مروّعا مأخوذا ترعد فرائصه، ويرجف فؤاده، ويخفق قلبه، وقد امتقع لونه، وشحب وجهه، ثم دلف بيته وهو يقول:
«زمّلوني زمّلوني ...
لقد خشيت على نفسي» . (?)
وأخبر السيدة خديجة رضي الله عنها بما جرى له، فما كان منها إلا أن ضمته إلى صدرها (?) ، ووضعت يدها على جبينه، وهي تهدىء من روعه قائلة له:
«الله يرعانا يا أبا القاسم، أبشر يا بن عم واثبت فو الذي نفس خديجة بيده، إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة، والله لا يخزيك الله أبدا....