بالسيدة عائشة رضي الله عنها لأن تخرج متنقبة تتبع خطواتها من بعيد والغيرة ترعى في أحشائها كما ترعى النار الهشيم، وكانت تنعتها باليهودية، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا تقولي ذلك، فإنها أسلمت وحسن إسلامها» (?) .

ولما كانت في بيت النبوة ورأت عائشة وحفصة وسودة في جانب، وباقي الزوجات في جانب آخر وتشايعهن فاطمة الزهراء رضي الله عنهن جميعا، رأت صفية في الانضمام لأي منهن حرجا شديدا، ولا سيما وأنها لا تزال حتى الان منظورا إليها- وهي أم المؤمنين- إلى أنها يهودية ولا تزال محمولا عليها بجريرة تطهرت منها، وبحوب وإصر تطهرت منه بإسلامها وحسن تدينها وأمومتها للمؤمنين، فرأت أن تمسك العصا من النصف، وتكون هي واسطة العقد، فلم تنضم، ولم تنحز لآية جهة، وبلباقة وذكاء واستبصار رأت تحسن الصلة بين ضرائرهن كلهن وبنت جسرا طيبا من الودّ والمحبة والألفة والإيناس مع فاطمة الزهراء رضي الله عنها ...

وكان أخشى ما تخشاه جانب عائشة لشدة غيرتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جارية حسناء تدخل في بيته، كما كان يؤذيها أن تعير بقومها وعشيرتها ...

ومع منهجها السديد الموفق، ونظرتها الثاقبة النافذة، وبصرها القوي، وبصيرتها العميقة إلا أنها لم تسلم من الوقوع في شرك المنازعات فيلفها مرير الكلام وغليظ القول عن عائشة وحفصة، وهي لم تقدم أية إساءة إلى أي منهما ... وبكت بكاء حارا للمصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رقّ لها وتأثر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015