على مشارف خيبر وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«الله أكبر، ضربت خيبر، إنا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» ...

وسرعان ما اندفع العمالقة الفرسان من المسلمين على خيبر فاستسلمت الحصون المنيعة كلها حصنا حصنا، ووقعت جميعا في أيدي الكماة البسلاء وقتل المشركون، وأخذت نساؤهم سبايا، وكان من بينهن شابة حسناء وضيئة في السابعة عشرة من عمرها، هي عقيلة بني النضير «صفية بنت حيي بن أخطب» التي ينتهي نسبها إلى هارون عليه السلام، وأمها برّة بنت شموال القرظية.

وعلى الرغم من صغر سنها وقتذاك إلا أنها سبق أن تزوجت مرتين قبل ذلك: الأول كان زواجها من فارس من فرسان قومها وكان شاعرا مفوّها هو سلام بن مشكم القرظي، ثم خلفه عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضري صاحب حصن القموص في خيبر.

وكان كنانة قد خبّأ كنز بني النضير وأخفاه، وجمده، ولما اكتشف مخبأ الكنز عنده، دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة الأنصاري فضرب عنقه.

ثم سيقت النساء سبايا، ومن بينهن، بل وفي مقدمتهن صفية بنت حيي بن أخطب، زوجة كنانة ... وكانت رزينة وقورا تكتم آلاما تصارعها، وتحبس حزنا ووجدا في دخيلتها، إذ إن أهلها صرعى قد أعمل السيف في رقابهم، وقطّعت أشلاؤهم إربا إربا، وذهبوا شذر مذر إلى غير رجعة ... في بطون الطير، وصاروا طعما سائغا للدود وخنافس التراب، وعائفات الطيور الشوارد ... هذه الأحزان المكتومة، واللواعج المكبوتة تعتمل في صدرها وهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015