«وهذه الأحاديث الصحاح التى ذكرنا بالأسانيد الثابتة المتصلة تضيق عن كثير من الوجوه التى وجهها عليها من زعم أن الأحرف فى صورة الكتابة وفى التقديم والتأخير والزيادة والنقصان، لأن الرخصة كانت من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والعرب ليس لهم يومئذ كتاب يعتبرونه، ولا رسم يتعارفونه، ولا يقف أكثرهم من الحروف على كتبه، ولا يرجعون منها إلى صورة، وإنما كانوا يعرفون الألفاظ بجرسها، أى بصوتها، ويجدونها بمخارجها، ولم يدخل عليهم يومئذ من اتفاق الحروف ما دخل بعدهم على الكاتبين من اشتباه الصور، وكان أكثرهم لا يعلم بين الزاى والسين سببا، ولا بين الصاد والضاد نسبا» (?).
وقد قال بهذا أبو حاتم السجستانى، وابن قتيبة، والباقلانى، والرازى (?)، وابن الجزرى وأقوالهم جميعا متقاربة.
وانتصر لهذا الرأى من المحدثين الشيخ محمد بخيت المطيعى (?)، والشيخ محمد عبد العظيم الزرقانى (?).
حكى الزرقانى أقوال هؤلاء، واختار هذا الرأى لاعتماده على الاستقراء التام، وادعى أن جميع الأحرف السبعة موجودة بالمصاحف العثمانية، ورد الآراء الأخرى، وضعّف ما ذهب إليه ابن جرير الطبرى ومن لفّ لفه- حسب تعبيره.