هو وحى الله المنزّل، وليس تفسيرا ولا تأويلا، أما الكتب السماوية السابقة فنزل كل كتاب منها بلسان واحد، وإذا عدل عنه فإنه يكون من باب الترجمة والتفسير، وليس بالذى أنزل الله.

قال أبو جعفر الطبرى: «أخبر النبى صلّى الله عليه وسلم عما خصّه الله تعالى به وأمته من الفضيلة والكرامة التى لم يؤتها أحدا فى تنزيله.

وذلك أن كل كتاب تقدّم كتابنا نزوله على نبى من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم، فإنما نزل بلسان واحد، متى حوّل إلى غير اللّسان الذى نزل به، كان ذلك ترجمة له وتفسيرا، لا تلاوة له على ما أنزل الله.

وأنزل كتابنا بألسن سبعة، بأى تلك الألسن السبعة تلاه التالى كان له تاليا على ما أنزل الله، لا مترجما ولا مفسرا، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها، فيصير فاعل ذلك حينئذ- إذا أصاب معناه- له مترجما، لا تاليا على ما أنزله الله به.

فذلك معنى

قول النبى صلّى الله عليه وسلم: «كان الكتاب الأول نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف» (?).

4 - إعجاز القرآن للفطرة اللّغوية عند العرب: فتعدد مناحى التأليف الصوتى للقرآن تعددا يكافئ الفروع اللسانية التى عليها فطرة اللّغة فى العرب، حتى يستطيع كل عربى أن يوقع بأحرفه وكلماته على لحنه الفطرى ولهجة قومه مع بقاء الإعجاز الذى تحدى به الرسول صلّى الله عليه وسلم العرب، ومع اليأس من معارضته، لا يكون إعجازا للسان دون آخر، وإنما يكون إعجازا للفطرة اللّغوية نفسها عند العرب، وإعجاز الفطرة اللّغوية إعجاز لا يحده زمن، بل يمتد دائما مع اللّغة ما دامت هذه اللّغة قائمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015