اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن كاعتنائه بحفظه، فلم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن واستظهاره بل جمع مع حفظه في الصدور حفظه في السطور زيادة في التوثق والضبط والاجتهاد فكان القرآن ينزل شيئاً فشيئاً، وكلما نزل شيءٌ قرأه النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه أصحابه، وبلغ من عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن مبلغاً عظيماً أنه كان يحثهم على كتابته فعن عُثْمَانُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ فَيَقُولُ: (ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا) وَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةَ فَيَقُولُ: (ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا) 1.
وكان نزول القرآن على غير الترتيب الذي نقرؤه الآن في السور الكريمة، بل كان ذلك الترتيب من بعد النزول بعمل النبي صلى الله عليه وسلم بوحي من الله تعالى، فكان عليه الصلاة والسلام يقول لهم كما نُقل (ضعوا آية كذا في موضع كذا) فتكون بجوارها متسقة متلاحقة المعنى مترابطة متناسقة اللفظ تلتقي بها كأنها لقف معها، وكأنهما كلام واحد قيل في زمن واحد أحدهما