قال الإمام الحافظ: أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-:
الحَمْد لله الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلِيماً قَديراً، وصلَّى الله على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أرْسَلَهُ إلى النَّاس كافَّةً بَشِيراً وَنَذِيراً، وعلى آلِ مُحَمَّدٍ وصَحْبهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
أما بعد:
فإنَّ التَّصَانِيفَ في اصْطلاحِ أهْلِ الحَدِيثِ قَدْ كَثُرَتْ، وبُسِطَتْ وَاخْتُصِرَتْ، فَسَأَلَنِي بعْضُ الإِخْوَانِ أن أُلخِّصَ لَهَ المهمَّ مِنْ ذلِكَ، فَأَجَبْتُهُ إلَى سُؤَالِهِ رَجَاءَ الانْدِرَاجِ فِي تِلْكَ المَسَالِكِ فأقولُ:
الخَبَرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ:
1 - طُرُقٌ بلا عَدَدٍ مُعَيَّنٍ.
2 - أَوْ مَعَ حَصْرٍ بِمَا فَوْقَ الاثْنَيْنِ.
3 - أوْ بِهِمَا.
4 - أَوْ بِوَاحِدٍ.
فالأَوَّلُ: المُتَوَاتِرُ المُفيدُ لِلْعِلْمِ الْيَقِينيّ بِشُرُوطِهِ.
والثَّانِي: المَشْهُورُ وَهُوَ الْمُسْتَفِيضُ عَلَى رَأْيٍ.
والثَّالِثُ: الْعَزِيزُ، وَلَيْسَ شَرْطًا لِلصَّحِيحِ، خِلافاً لِمَنْ زَعَمَهُ.
والرَّابِعُ: الغَرِيبُ.
وَكُلُّها -سِوَى الأوَّلِ- آحَادٌ، وفيها الْمَقْبُولُ والْمَرْدُودُ، لِتَوَقُّفِ الاسْتدْلالِ بها على البَحْث عنْ أَحْوالِ رُوَاتِها، دُونَ الأوَّل، وَقَدْ يَقَع فيها مَا يُفيدُ العِلمَ النَّظَرِيَّ بالقرائنِ على الْمُخْتَار.
ثم الغرابة: إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي أَصْلِ السَّنَدِ، أَوْ لا.
فالأَوَّلُ: الفَرْدُ المُطْلَقُ.
والثاني: الْفَرْدُ النّسْبِيُّ، ويَقِلُّ إطْلاقُ الفَرْدِية عَليهِ.
وَخَبَرُ الآحَادِ بِنَقْلِ عَدْلٍ تَامِّ الضَّبْطِ، متَّصِلَ السَّنَدِ، غيرَ مُعَلَّلٍ وَلا شَاذٍّ: هُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِه.