و «القردة» ، أو استخراج «الملح» من الملاحات، أو جمع «القرنفل» و «العود» ، وما يتطرق إليهما من الغش والتدليس.
يضاف إلى ذلك استبعاده لمئات من الخرافات التي وردت فيما اطلع عليه من مؤلفات، ورد الكثير منها بالمنطق المعقول، ومنه قوله:
« ... وحكى الجاحظ في كتاب الحيوان أن هذه الدابة (الكركدّن) تقيم في جوف أمها سبع سنين، وأنها تخرج رأسها وعنقها من فرج أمها، فترعى الحشيش، ثم تعيد رأسها إلى جوف أمها، فإذا ابتدأ تكون قرنها امتنعت عن الخروج للرعي على حسب عادتها، فتنقر في جوف أمها حتى تبقر جوفها، وتخرج، فتموت الأم.
وهذا محال من قوله، غير مسموع، لأن الأمر لو كان كما وصفه لفني هذا النوع حتى لا يوجد إلا ذكره» .
وإن لم يسلم «الإدريسي» مع ذلك من التسليم ببعض الخرافات والأخطاء العلمية، التي أملتها عليه طبيعة العصر، وقصور ما تحت يديه من المصادر والروايات، كنحو قوله بجبل «قاف» ، واعتقاده بثبات الأرض وسط قبة الهواء، ودوران الكواكب الأخرى حولها، وقتل بعض الحيات للناس بالنظر، والتسليم بولادة السلاحف والأسماك وإرضاعها لصغارها، ومسخ الظالمين إلى تماثيل حجرية، وتطاير الأقزام من البشر في الهواء إيذانا بإتيان الرياح.. وإن سلم في معظمها بأنها «عجائب يقع واصفها في حد التكذيب» أو أنها «أمور لا تقبلها العقول من جهة الإخبار عنها، لكن الله على ما يشاء قدير» .
ولذا تفاوتت القيمة العلمية لأجزاء الكتاب، تبعا لتفاوت ما توفر لمؤلفه من مادته، بحيث لا ترقى معلوماته عن «مصر» أو «الصين» إلى منزلة تلك الواردة بشأن «جزيرة العرب» و «المغرب» و «صقلية» و «الأندلس» ... وهكذا.
هذه الطبعة من الكتاب:
طبعت النزهة طبعات متعددة، كاملة أو منفصلة الأجزاء، متفاوتة طولا وقصرا، فكانت أقدمها على الإطلاق، تلك الطبعة العربية الصادرة في مدينة «ميديشتي» في روما سنة 1592 م. باسم: «نزهة المشتاق في ذكر الأمصار والأقطار والبلدان والجزر والمدائن والآفاق» وهي طبعة مكتملة نسبيا، وإن شابتها أخطاء كثيرة، اعتنى بإبرازها كثير من المستشرقين.
€