[سيرة فرعون في رعيّته]

وأمّا سيرة فرعون مع رعيّته فإنّه كان عادلا لا ينظر إلى ما في أيديهم (?).

وقد قيل: الملك يدوم مع الكفر والعدل، ولا يدوم مع الظلم والإيمان.

وأما فضيلة العدل، فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «إذا كان يوم القيامة جمع الله عزّ وجلّ الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم يناديهم بصوت يسمعه البعيد كما يسمعه القريب: أنا الملك، أنا الديّان إن حازني ظلم ظالم» (?).

وقال عليه السلام: «ما من أمير عشرة إلاّ يؤتى به يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه فلا يفكّها إلاّ عدله» (?).

ومما ورد في العدل فقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} (?) الآية.

وما من ملك تردّا (?) برداء العدل إلاّ وكان وقاية له من جميع الآفات.

وقال أزدشير: الملك والعدل أخوان توأمان لا يصلح لهما أن يفترقا ولا غناء لأحدهما عن صاحبه، ولا يتمّ الملك إلاّ بالعدل.

وأمّا ما ذكر عن نزاهة فرعون عمّا في أيدي الناس من رعيّته، فقد ورد عن عمرو بن العاص: أنّ فرعون استعمل هامان على حفر خليج السردوس فلما شرع في حفره أتاه أهل كل قرية يسألونه أن يجري الخليج تحت قريتهم ويعطونه مالا. قال: فكان يذهب به إلى هذه القرية من نحو المشرق، ثم يردّه إلى قرية من نحو دبر القبلة. ثم يردّه إلى قرية في المغرب، ثم يردّه إلى قرية في القبلة، ويأخذ من أهل كل قرية مالا حتى اجتمع إليه في ذلك ماية ألف دينار، فأتى بذلك يحمله إلى فرعون، فسأله فرعون عن ذلك، فأخبره بما فعل في حفره، فقال له فرعون: ويحك، ينبغي للسيد أن يعطف على عبيده ويفيض عليهم، ردّ على أهل كل قرية ما أخذت منهم. فردّه كلّه على أهله (?).

فلما طغى فرعون وادّعى الربوبية وجرى منه ما جرى، كما أخبر الله تعالى في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015