فيطالعوه (?) بأخبارهم في كل صباح وبما هم عليه، إلاّ التركيّ لم يطّلع على ما هو عليه، فأحضر أحمد بن طولون رجلا من بعض غلمانه وقال له: رح اكتري (?) دارا إلى جانب دار فلان التركيّ أو اشتريها (?)، وخذ ثمنها منّي، وتحيّل على أن تطّلع على أحواله وما هو عليه، وتعرّفني به يوما بيوم.
ففعل ذلك، واكترى دارا إلى جانب دار التركيّ وسكن فيها، وطلع إلى سطح الدار، فوجد زربا يطلّ إلى دار التركيّ، ففتح فيه كوّة صغيرة ينظر منها جميع ما في البيت الذي فيه التركيّ.
وكان التركيّ ما عنده في داره سوى جارية صغيرة عوّادة، وخادم صغير لا غير.
فلما كان في بعض الليالي قعد التركيّ يشرب وجاريته تغنّي له، وما عنده أحد.
فلما راق الليل سكر التركيّ وقام إلى سيفه جرّده من غمده وقال: من يكون هذا الفاعل الصانع أحمد بن طولون حتى يستخدمنا، ويكون مثلي في خدمته؟ والله لأضربنّ عنقه بسيفي هذا.
فقامت إليه الجارية وقالت له: يا سيّدي، نحن في طيبة عيش، أيش جاب أحمد على قلبك؟
ولا زالت تترفّق به وتتلطّف إلى أن أخذت السيف منه وأسقته أقداحا مترعة، سكر ونام.
فأصبح صاحب الخبر من السحر عند أحمد بن طولون وأخبره بذلك.
وأمّا ما كان من التركيّ فإنه [لما] أصبح ركب الموكب على عادته، ودخل الخدمة.
فلما رسم بالدستور للناس، قال أحمد لحاجبه: لا تخلّ فلان التركيّ يخرج، فإنّ لنا به شغل، فعوّقه الحاجب حتى خرج الناس، فاستدعى به أحمد، وقال: يا فلان.
قال: لبّيك.
قال: ألم يكن إقطاعك بالعراق كذا وكذا؟ وأعطيتك زائدا عنه؟
قال: نعم.
قال: ألم تكن تقدمتك بالعراق كذا وكذا؟
قال: نعم.
[قال] (?): وزدتك هنا كذا وكذا؟