للمؤلّف، بل إنّ له كتابا ثالثا، أيضا، بعنوان: «التذكرة الكاملية في السياسة الملوكية»، سنذكره بعد قليل.
ومن خلال مطالعتنا لكتابيه: «آثار الأول» و «نزهة المالك والمملوك» يمكن الوقوف أمام ومضات سريعة تضيء لنا بعض معارفنا عنه، حيث يظهر أنه كان يعيش في مصر، في الفترة التي صنّف فيها مؤلّفاته على الأقل، وأنه كان كاتبا متمرّسا في ديوان الإنشاء، وكان شاعرا له نظم في المديح، وهذا يقتضي أن يكون كاتبا أديبا، عارفا باللغة، والنحو، والصرف، والبلاغة، والبيان، والعروض، وما يتّصل بذلك من معارف أدبية، كما كان مؤرّخا، ومصنّفا، بدليل كتبه التي وصلتنا، وهو إلى جانب هذا وذاك، كان شديد الولاء لسلاطين عصره المماليك، يمالئ كلّ من تولّى السلطنة، ويصنّف كتابا باسم كل واحد منهم، ويغيّر عواطفه، ويلوي عنق قلمه مع تغيّر السلاطين، فهو يكتب للملك العادل زين الدين كتبغا المنصوري (694 - 696 هـ. / 1295 - 1297 م.)، ثم يؤلّف كتابا آخر يكيل فيه المديح والثناء للسلطان «بيبرس المنصوري الجاشنكير» (708 - 709 هـ. / 1308 - 1309 م.) وينشد فيه قصيدة من 33 بيتا من نظمه (?)، ثم يؤلّف كتابا ثالثا في سلطنة الناصر «محمد بن قلاوون» - وهي سلطنته الثانية (709 - 741 هـ. / 1309 - 1340 م.)، فيشيد به وبسياسته، وينشد فيه شعرا (?)، مع أنه سبق أن أثنى على «بيبرس المنصوري» الذي أخذ السلطنة من «الناصر محمد» عند ما اعتزل بالكرك، وعند ما عاد «الناصر» إلى السلطنة قبض على «بيبرس» مع جملة أمراء آخرين.
إذا، فولاء المؤلّف واضح للسلطان، أيّا كان هذا السلطان، طالما هو على كرسيّ السلطنة.
أمّا قول الدكتور «شاكر مصطفى» إنّ «الصفديّ» كان مقرّبا من السلطان الناصر