الحق الأنصاري اللكهنوي أحد العلماء المبرزين في
العلوم الحكمية، ولد ونشأ ببلدة لكهنؤ، واشتغل بالعلم على العلامة عبد العلي، ولما سافر العلامة إلى
شاهجانبور اشتغل على أحمد حسين بن محمد رضا والشيخ محمد حسن بن غلام مصطفى، فقرأ
البلاغة والأصول على أحمد حسين، وقرأ الفقه والمنطق والحكمة على محمد حسن، ثم سار إلى
شاهجهانبور، ولازم العلامة عبد العلي المذكور حتى قرأ عليه فاتحة الفراغ، وأجرى له حافظ الملك
أمير تلك الناحية معاشاً، فدرس وأفاد زماناً في مدرسة حافظ الملك، ولما توفي حافظ الملك ورحل
العلامة إلى رامبور رجع إلى بلدة لكهنؤ ودرس بها مدة، ثم سار نحو رائي بريلي ولازم الشيخ محمد
عدل بن محمد بن علم الله النقشبندي البريلوي، وأخذ عنه الطريقة، ولم يذهب إلى بلدة لكهنؤ إلا مرة
أو مرتين، واستصحب معه في إحدى المرتين نور الحق وعلاء الدين ابني أخيه الشيخ أنوار الحق،
وبذل جهده في تعليمهما، ثم لما عزم العلامة عبد العلي المذكور إلى بهار بضم الموحدة دخل رائي
بريلي ونزل في زاوية السيد محمد عدل المذكور، ولما سار إلى بهار استصحبهم معه، وكان أزهار
الحق ختن مولانا عبد العلي، فسار معه إلى بهار، وولي التدريس في مدرسة أسسها صدر الدين
البهاري، فدرس بها زماناً طويلاً، ولما سافر مولانا عبد العلي إلى مدراس رجع إلى بلدة لكهنؤ،
واعتزل في بيته، ومات بها وله سبعون سنة، كما في الأغصان الأربعة.
الشيخ إسحاق بن محمد أفضل الدهلوي
الشيخ الإمام العالم المحدث المسند أبو سليمان إسحاق بن محمد أفضل بن أحمد بن محمد بن
إسماعيل بن منصور بن أحمد بن محمد بن قوام الدين العمري الدهلوي، المهاجر إلى مكة المباركة،
ودفينها، كان سبط الشيخ عبد العزيز ابن ولي الله العمري الدهلوي.
ولد لثمان خلون من ذي الحجة سنة ست، وقيل سبع وتسعين ومائة وألف بدهلي، ونشأ في مهد جده
لأمه المذكور، وقرأ الصرف والنحو إلى الكافية لابن الحاجب على الشيخ عبد الحي بن هبة الله
البرهانوي، وقرأ سائر الكتب الدرسية على الشيخ عبد القادر بن ولي الله الدهلوي، وتفقه عليه، وأخذ
الحديث ثم أسند عن الشيخ عبد العزيز المذكور، وكان بمنزلة ولده، استخلفه الشيخ المذكور ووهب له
جميع ماله من الكتب والدور، فجلس بعده مجلسه وأفاد الناس أحسن الإفادة، وسافر إلى الحرمين
الشريفين سنة أربعين ومائتين وألف، فحج وزار، وأسند الحديث عن الشيخ عمر بن عبد الكريم بن
عبد الرسول المكي المتوفي سنة سبع وأربعين، ثم رجع إلى الهند ودرس ببلدة دهلي ست عشرة
سنة، ثم هاجر إلى مكة المشرفة مع صنوه يعقوب وسائر عياله سنة ثمان وخمسين، واختار الإقامة
بمكة بعد الحج والزيارة مرة ثانية، وأخذ عنه الشريف محمد بن ناصر الحازمي في مكة المعظمة.
وله تلامذة أجلاء من أهل الهند، كالشيخ المحدث عبد الغني بن أبي سعيد العمري الدهلوي المهاجر
إلى المدينة المنورة، والسيد نذير حسين ابن جواد علي الحسيني الدهلوي، والشيخ عبد الرحمن بن
محمد الأنصاري الباني بتي، والسيد عالم علي المراد آبادي، الشيخ عبد القيوم عبد الحي الصديقي
البرهانوي، والشيخ قطب الدين بن محي الدين الدهلوي، والشيخ أحمد علي بن لطف الله
السهارنبوري، والشيخ عبد الجليل الشهيد الكوئلي، المفتي عناية أحمد الكاكوروي، والشيخ أحمد الله
بن دليل الله الأنامي، وخلق آخرون وأكثرهم نبغوا في الحديث، وأخذ عنهم ناس كثيرون، حتى لم
يبق في الهند سند الحديث غير هذا السند، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
قال الشيخ شمس الحق الديانوي في تذكرة النبلاء: إن الشيخ عبد الله سراج المكي كان يقول بعد
موته عند غسله: والله إنه لو عاش وقرأت عليه الحديث طول عمري ما نلت ما ناله، وكان شيخه
الشيخ عمر بن عبد الكريم رحمه اله يشهد بكماله في علم الحديث ورجاله، وكان يقول: قد حلت فيه
بركة جده الشيخ عبد العزيز الدهلوي، وكان جده الشيخ عبد العزيز كثيراً ما يتلو هذه الآية الكريمة
"الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق" وكان شيخنا نذير حسين يقول: إني ما
صحبت عالماً أفضل منه، وكثيراً ما ينشد رحمه الله: