ولد لأربع عشرة خلون من ربيع الأول سنة أربع وثمانين وألف في أيام عالمكير، ونشأ في مهد
الإمارة وتنبل ولقبه عالمكير بجين قليج خان سنة اثنتين ومائة وألف وصار منصبه في آخر أيام
السلطان المذكور إلى خمسة آلاف وولي الإمارة بأرض بيجابور، وفي أيام شاه عالم بن عالمكير ولي
بأرض أوده ولقب بخان دوران بهادر ثم لما رأى أن الأيام لا تساعده لنفاق الأمراء فيما بينهم وسوء
حظ الملك في السياسة والتدبير اعتزل عن الناس ولازم بيته بدار الملك دهلي، ولما قام بالملك
جهاندار شاه بن شاه عالم خرج من العزلة ونال منصبه، ولما قام بالملك فرخ سير بن عظيم الشأن
بن شاه عالم أضاف في منصبه فصار سبعة آلاف ولقبه نظام الملك فتح جنك وولاه على بلاد الدكن،
ولما جلس رفيع الدرجات بن رفيع القدر بن شاه عالم على سرير الملك ولاه على بلاد مالوه ثم لما
رأى أن الأمراء ينافقونه ركب إلى أرض الدكن وافتتحها عنة وقام بالأمر، ثم لما تولى المملكة محمد
شاه بن جهان شاه بن شاه عالم استقدمه إلى دهلي وألبسه خلعة الوزارة الجليلة فاستقل بها مدة من
الزمان مع الإمارة على أرض الدكن ثم وجهه محمد شاه المذكورة إلى كجرات لدفع الفتنة فسار نحو
كجرات وافتتحها وجعل عمه جاند خان نائباً عنه في أرض كجرات وأوده وجعل ابن عمه عظيم
الدين نائباً عن في مالوه وكان ولده نائباً عنه في أرض الدكن، فلما رجع إلى دار الملك أراد الأمراء
أن يخرجوه من الحضرة لأنهم كانوا يرونه سداً في سبيل أهوائهم والسلطان أيضاً يرى فيه عائقاً في
سبيل حريته وشهواته فدبروا له الحيلة وعزله محمد شاه عن ولاية الدكن وولي مبارز خان على تلك
البقاع، فلما رأى قمر الدين ذلك أراد أن يخرج فاستأذن السلطان في المسير إلى مراد آباد ولما خرج
من دار الملك عطف عنانه نحو الدكن وقاتل مبارز خان بقرية شكر كهيزه فقتله وقبض على ستة
أقطاع الدكن، فلما سمع محمد شاه ذلك عزله عن أيالة كجرات وعن أيالة مالوه ثم خافه ورغب إلى
استمالته فسلم له أرض الدكن ولقبه آصف جاه سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف فاستقل بها مدة حياته،
ولما جاء نادر شاه إلى أرض الهند استقدمه محمد شاه إلى دار الملك ولقبه بأمير الأمراء فأقام بدهلي
زماناً ثم رجع إلى بلاده.
وكان فاضلاً كريماً حازماً شجاعاً طيب الأخلاق ذكي النفس لم يكن مثله في زمانه في السياسة
والتدبير، ومن عوائده أنه كان بعد صلاة الفجر وفراغه من الأوراد الموظفة يشتغل بمهمات الدولة
إلى الظهيرة، وبعد انصرافه عن صلاة الظهر يشتغل بتلاوة القرآن الكريم واستماع الأحاديث الشريفة
ثم يجتمع لديه العلماء والشعراء فيذاكرهم في العلوم ويناشدهم.
ومن مآثره سور بلدة برهانبور بناه سنة إحدى وأربعين ومائة وألف ومنها بلدة نظام آباد عمرها في
السنة المذكورة وأسس بها مسجداً ورباطاً وجسراً وقصراً رفيعاً له، ومنها سور بلدة حيدر آباد ومنها
نهر هرسول بأورنك آباد، وله ديوان الشعر الفارسي، ومن شعر قوله:
زنهار دل بنقش ونكار جهان مبند رنكي كه ديدة برخ كل بريد نيست
مات ببلدة برهانبور لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى وستين ومائة وألف فدفن بحظيرة
الشيخ برهان الدين محمد بن الناصر الهانسوي.
نواب قمر الدين السمرقندي
الأمير الكبير قمر الدين بن محمد أمين بن بهاء الدين بن عالم شيخ الصديقي السمرقندي نواب
اعتماد الدولة نصرت جنك كان اسمه محمد فاضل ولكنه اشتهر بلقبه وترقى درجة بعد درجة إلى
الإمارة حتى تولى الوزارة الجليلة في أرض الهند بطولها وعرضها سنة سبع وثلاثين ومائة وألف
في عهد محمد شاه بعد ما عزل عنها آصف جاه فاستقل بها مدة حياته، وكان فاضلاً عادلاً كريماً
محسناً إلى كافة الناس متواضعاً حليماً بشوشاً طيب النفس متين الديانة ذكي الأخلاق لم يزل مشتغلاً
بالخيرات والمبرات، مات سنة إحدى وستين ومائة وألف، وفي تلك السنة مات محمد شاه وآصف
جاه أيضاً فأرخ لوفاتهم غلام علي بن نوح البلكرامي صاحب مآثر الكرام بقوله: