الدين أشرف اللكهنوي في بحر زخار: إني سمعت الشيخ نور الهدى أحد أصحاب
الشيخ فخر الدين كان يقول: إن زيه كان زي الأمراء في بداية حاله والأمراء كانوا يعظمونه غاية
لأجل والده، وكان يشتغل بالله سبحانه في تلك الحالة أيضاً لحسن تربية أبيه ويطالع المثنوي المعنوي
في أكثر الأوقات وكان متردداً في الترك والتجريد ففتح المثنوي تفاؤلاً فإذا هو بهذا البيت:
بند بكسل باش آزاد أي بسر جند باشي بند سيم وبند زر
فتأثر بهذا البيت وقسم أمواله على الفقراء وسافر إلى دهلي وأقام بأجمير برهة من الدهر ثم دخل
دهلي وأخذ الحديث عن الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، ثم سكن بمدرسة غازي الدين خان
والتزم أن يحتظ بصحبة الفقراء وأرباب الدنيا كل من يحضر لديه من الصباح إلى الضحوة ويحتظ
بصحبة العلماء من بعد الظهر إلى غروب الشمس، انتهى.
وكان شيخاً كبيراً عارفاً صاحب وجد وسماع، مغلوب الحالة ذا تواضع مفرط للناس، كان يبدأ
بالسلام ويتحمل أذاهم والناس يسبونه بين يديه ويشتمونه والعلماء يفسقونه ويضللونه وهو يتحمل
ذلك ويظهر البشاشة ويجزي المساءة بالمواساة.
ومن مصنفاته نظام العقائد والرسالة المرحبة وفخر الحسن كتاب أثبت فيه لقاء الحسن بن أبي
الحسن البصري بسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ورد فيه على شيخ مشايخنا ولي الله بن
عبد الرحيم العمري الدهلوي ورتب تلك الرسالة على أربع مقامات وثلاثة أبواب وخاتمة، أما المقدمة
الأولى ففي أن الحسن ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة الطيبة
فكان بها إلى أربع عشرة من سنه وقدم البصرة بعد مشهد عثمان بن عفان رضي الله عنه واحتج في
ذلك بما قال ابن الأثير في جامع الأصول والخطيب التبريزي في أسماء رجال المشكاة والمزي في
التهذيب والذهبي في تذهيب التهذيب والمقدمة الثانية أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله
عنه كان بالمدينة الطيبة من حين مير الحسن إلى أن بلغ أربع عشرة سنة بل لم يخرج منها إلا بعد
أربعة أشهر من مبايعته للناس، ذكره القضاعي في تاريخه والديار بكري في الخميس والمقدمة الثالثة
أن السماع في سن التمييز صحيح مقبول سواء بلغ السامع الحلم أم لا، واحتج عليه بما صرح به ابن
الأثير في جامع الأصول والسيوطي في إتمام الدراية والمقدمة الرابعة أن الحسن ثقة مأمون شيخ
شيوخ زمانه وإمام أئمة أوانه عند الأئمة المحدثين الكبار بل عند الصحابة الأبرار وأطال الكلام في
ذلك.
أما الباب الأول ففي إثبات اللقاء واحتج فيه بما قال العراقي في شرح الترمذي عند الكلام على
حديث رفع القلم عن ثلاثة والبخاري في تاريخه الصغير في ترجمة سليمان بن سالم القرشي
وغيرهما: إن الحسن رأى علياً بالمدينة، ثم احتج بما قال الغزالي في الإحياء وأبو طالب المكي في
قوت القلوب: إن الحسن لقي علياً بالبصرة، وقد أطال الكلام في تعظيم مرتبة الغزالي.
والباب الثاني في إثبات سماع الحسن عن علي رضي الله عنه واحتج عليه بما روى المزي في
تهذيب الكمال أنه قال: إني في زمان كما ترى وكان في عمل الحجاج كل شيء أقول قال رسول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلخ، واحتج بما قال الذهبي في
تذهيب التهذيب: إن الحسن روى عن عثمان وعن علي وبما قال علي القاري في شرح النخبة ثم
احتج بسند تلقين الذكر من طريق الحسن وأطال الكلام عليه.
والباب الثالث في الأحاديث واتصالها واحتج عله بما روى عن الحسن عن علي قال: سمعت رسول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ
وعن المصاب حتى يكشف عنه، رواها بطرقها المذكورة في المجاميع والمسانيد، ثم قال: إن هذا
الحديث متصل على مذهب الإمام أحمد فإنه معنعن وكل معنعن متصل عنده كالجمهور إذا خلى من
شبهة التدليس وكذا هو متصل على مذهب الترمذي لأنه إما أن يكتفي في الاتصال بالمعاصر
كالجمهور أو يشترط اللقاء كبعضهم وكلاهما ثابت عنده كغيره وكذا هو متصل على مذهب الامام