الشيخ عبد الرحمن بن
محمد العيدروس والشيخ عبد الرحمن بن علوي بافقيه وغيرهم، وكان في الحفظ منقطع القرين لا
تغيب عن حفظه شاردة، وكان أجمع أقرانه للفقه وأبرعهم فيه، وأذن له غير واحد من مشايخه
بالإفتاء والتدريس، فدرس وأفتى، وانتفع به جماعة.
قال الشلي: وحضرت دروسه وقرأت عليه بعض الإرشاد، وحضرت بقراءة غيري فتح الجواد،
وكان آية في الفروع والأصول محققاً، وما شهدت الطلبة أسرع من نقله، وكان علمه أوسع من عقله،
ولما حفظ الإرشاد جميعه حصل له خلل في سمعه، واشتهر عند العوام أن من حفظ الإرشاد كله ابتلى
بعلة، ولذا كان كثير ممن حفظه يترك بعضه، وكان حسن المناظرة، قال: ووقع بينه وبين شيخنا
القاضي عبد الله بن أبي بكر الخطيب مناظرات في مسائل مشكلات، وربما تناظرا أكثر الليل.
وكان صاحب جد في الدين، وكان ذا هدى ورشاد وصلاح معرضاً عن الرين، حسن الصيت نير
الوجه بصير القلب والبصر متقللاً من الدنيا، وارتحل من بلدة تريم ودخل الهند وأخذ عن السيد عمر
بن عبد الله باشيبان علوم الصوفية والأدب، وأخذ السيد عمر عنه العلوم الشرعية، وطلب منه أن يقيم
عنده والتزم له بما يحتاجه، فقام حتى اجتمع بمن في الهند من المحققين، فقصد مدينة بيجابور
واجتمع فيها بالشيخ أبي بكر بن حسين بافقيه أخي شيخه القاضي بافقيه، وأخذ عن هذين علوم
التصوف والحقيقة، وجلس يدرس أياماً، ثم مات بمدينة بيجابور، ودفن عند قبور بني عمه من السادة
- رضي الله عنه - كما في خلاصة الأثر.
الشيخ عبد الله اللاهوري
الشيخ العالم المعمر عبد الله سعد الحنفي اللاهوري نزيل المدينة المنورة، كان من أخيار الصوفية،
اسم أبيه سعد الله، وقيل: سعد الدين ولد سنة خمس وثمانين وتسعمائة، وتوفي سنة ثلاث وثمانين
وألف.
وهو ممن أخذ عن مفتي مكة قطب الدين محمد النهروالي، يروي عنه صحيح الإمام البخاري بسند
عال، لا أعلم في الدنيا سنداً أعلى من هذا السند، أخذ عنه الشيخ إبراهيم بن حسن الكردي المدني
وعنه الشيخ سالم بن عبد الله البصري المكي حتى انتشر في الحجاز، وقد ذكره إبراهيم المذكور في
الأمم لإيقاظ الهمم، وذكره عبد الله بن سالم في الإمداد بعلو الإسناد والمزجاجي في نزهة رياض
الإجازة وقال: هذه الطريقة لم تصل إلى الحرمين إلا مع أشياخ أشياخ مشايخنا كالشيخ المعمر عبد
الله بن سعد اللاهوري، انتهى.
مولانا عبد الله السيالكوتي
الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الله بن عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوتي أحد العلماء
المشهورين بأرض الهند، ولد ونشأ ببلدة سيالكوث وقرأ العلم على والده، وأخذ الحديث عن المفتي
نور الحق بن عبد الحق المحدث الدهلوي، ثم درس وأفاد وألف، وتميز واشتهر بالفضل والكمال،
أخذ عنه خلق كثير.
وكان عالمكير بن شاهجهان التيموري سلطان الهند وأبناؤه يكرمونه غاية الإكرام: أدركه عالمكير
سنة ست وثمانين وألف بمدينة لاهور وإحتظ بصحبته، ثم استقدمه إلى أجمير ليوليه الصدارة
العظمى وبعث كتاباً إليه بخطه، وأمر بختاور خان أن يحرضه على القبول فكتب إليه بختاور خان،
فأجابه أن الزمان زمان الفراق لا زمان كسب الشهرة في الآفاق ولكنه سيحضر لديه امتثالاً للأمر
المطاع، فسافر إلى أجمير وأقام بها زماناً، ثم رجع إلى بلدته واعتزل عن الناس، كما في مآثر
عالمكيري، ومن مصنفاته التصريح على التلويح في أصول الفقه من البداية إلى المقدمات الأربع،
ومنها تفسير على سورة الفاتحة، ومنها رسالة في حقائق التوحيد، صنفها بأمر عالمكير، وله غير ذلك
من الرسائل، توفي في شهر رجب سنة ثلاث وتسعين وألف، كما في المآثر.
الشيخ عبد الله السنبهلي
الشيخ الصالح الفقيه عبد الله بن عبد العظيم بن