المدة القليلة أنار الآفاق بلوامع إفاداته، كما في زبدة المقامات للكشمي، وذلك لأنه عاش

أربعين سنة وبعد قدومه الهند لم يعش إلا أربع سنوات، وفي تلك المدة القليلة بلغ أصحابه إلى أعلى

مدارج الكمال حتى أنهم محوا آثار الطرق السالفة وغلبت الطريقة النقشبندية على الطرق الأخرى.

وقال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان - قدس الله روحه ونور ضريحه - آية

من آيات الله سبحانه، ونوراً من أنواره، وسراً من أسراره، صاحب علم ظاهر وباطن وتصرفات،

كثير الصمت والتواضع والإنكسار، ذا خلق حسن، لا يتميز عن الناس بشيء حتى أنه كان يمنع

أصحابه من أن يقوموا لتعظيمه وأن لا يعاملوه إلا كما يعامل بعضهم بعضاً.

ثم قال: وظهرت له التصرفات العظيمة فصار كل من يقع نظره عليه أو يدخل في حلقته يصل إلى

الغيبة والفناء ولو لم تكن له مناسبة، وكان الناس مطروحين على بابه كالسكارى، وبعضهم كان

ينكشف له في أول الصحبة عن عالم الملك والملكوت، وكل هذا كان من غلبة الجذبات الإلهية،

انتهى.

وممن أخذ عنه الشيخ الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، والشيخ العارف

تاج الدين بن سلطان العثماني السنبهلي، والشيخ حسام الدين ابن نظام الدين البدخشي، والشيخ إله داد

الدهلوي وخلق آخرون.

ومن مصنفاته الرسائل البديعة والمكاتيب العلية والأشعار الرائقة، منها سلسلة الأحرار شرح فيه

رباعياته في الحقائق والمعارف بالفارسي.

توفي يوم الأربعاء رابع عشر من جمادي الآخرة سنة أربع عشرة بعد الألف بمدينة دهلي وله

أربعون سنة وأربعة أشهر، وقبره بها على غربيها عند أثر قدم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

مولانا عبد الجليل الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه الزاهد عبد الجليل بن شمس الدين بن نور الدين الصديقي البرونوي الجونبوري،

أحد فحول العلماء، قرأ العلم على والده، واستفاد من الشيخ العلامة محمود بن محمد الجونبوري

صاحب الشمس البازغة وعن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري، ثم تصدى للدرس

والإفادة.

كان ورعاً صالحاً تقياً عارفاً، أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الجليل اللكهنوي والشيخ عزيز الحق

الدهلوي، وصرف عمره بالتدريس مع قناعة وعفاف، توفي في ثامن شوال سنة ست وسبعين وألف

ببلدة جونبور فدفن بها، كما في تجلي نور.

الشيخ عبد الجليل اللكهنوي

الشيخ الصالح الفقيه الزاهد عبد الجليل بن عمر الصديقي البيانوي ثم اللكهنوي، أحد المشايخ

المشهورين، كان أويسياً استفاض من روحانية الشيخ معين الدين حسن السجزي الأجميري، وأخذ

عنه غير واحد من المشايخ.

وكان صاحب وجد وحالة، سافر إلى جونبور وأقام عند الشيخ عبد العزيز الجونبوري، ولما حان

وقت العشاء طلب الماء للوضوء ثم استغرق في بحار المعرفة واستغرق آناء الليل، فلما نادى المؤذن

حي على الصلاة أفاق عن تلك الحالة وطلب الماء مرة ثانية، فقيل إنه لا يزال جاهزاً من العشاء، له

الأسرارية في الحقائق والمعارف.

مات في التاسع عشر من ربيع الآخر سنة ست عشرة وألف كما في مرآة الأسرار.

الشيخ عبد الجميل السندي

الشيخ الفاضل عبد الجميل الحنفي التتوي السندي، أحد العلماء المشهورين في أيام شاهجهان بن

جهانكير، سكن بلاهري بندر، وكان له ثلاثة أبناء: أبو الفتح ومحمد شريف ومحمد شفيع، كلهم نبغوا

في العلم ونالوا الدرجة في أيام عالمكير، كما في تحفة الكرام.

الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي

الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث الفقيه شيخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015