السنن النبوية، وإصلاح الحال، والإكثار من ذكر الله، وقد عطف الله عليه

القلوب والنفوس، وغرس حبه في أهل الخير، فأقبلوا عليه زرافات ووحدانا، وتقاطر عليه الناس من

كل صوب، وانهالت عليه الدعوات، وهو يتقبلها بقلب طيب، ويتحمل في سبيلها المشاق، حتى

اعتراه مرض القلب وضغط الدم، فانقطع عن الأسفار مدة قليلة ولزم بيته وهو ملتزم للأوراد، جاد

في التربية والإرشاد، وإكرام الضيوف ولقاء الزوار، قد تغلب عليه الخشوع والرقة، والابتهال إلى

الله تعالى، والتهيؤ للقائه، حتى وافاه الأجل في الثالث عشر من جمادى الأولى سنة سبع وسبعين

وثلاثمائة وألف وصلى عليه الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في جمع حاشد لا يحصى، ودفن بجوار

أستاذه الشيخ محمود حسن الديوبندي والإمام محمد قاسم النانوتوي.

كان الشيخ حسين أحمد من نوادر العصر وأفراد الرجال صدقاً وإخلاصاً، وعلو همة وقوة إرادة،

وشهامة نفس، وصبر على المكاره ومسامحة للأعداء، يشفع لهم ويسعى في قضاء حوائجهم، وثبات

على المبدأ ورحابة ذرع سعة صدر، وجمع للأشتات من الفضائل والمتناقضات من الأعمال، له

نزاهة لا ترتقي إليها شبهة، وهمة لا تعرف الفتور والكسل، واشتغال دائم لا يتطرق إليه الملل.

كانت له أوقات مشغولة منظمة، كان إذا صلى الصبح أفطر مع الضيوف الذين يكثر عددهم، ثم

توجه إلى دار الحديث، وقرأ درسين: درساً في صحيح البخاري، ودرساً في جامع الترمذي، وكان

يقرأ هو بنفسه في غالب الأيام بلحن عربي، وصوت واضح قوي، ويفيض في الشرح والإلقاء، ثم

ينصرف ويتغدى مع ضيوفه ويقيل، وبعد أن يصلي الظهر يجلس للوافدين ويشرب معهم الشاي،

ويكتب الرسائل والردود، ويقضي حاجة الزائرين والسائلين، وإذا صلى العصر جلس للضيوف

والزائرين يحدثهم ويؤنسهم، وإذا كان في آخر السنة قرأ درساً كذلك إلى صلاة المغرب، فإذا صلى

المغرب قام للنوافل وأطال القراءة والقيام ويتفرغ للمسترشدين وأصحاب السلوك، فإذا صلى العشاء،

قرأ درساً في صحيح البخاري إلى أن يمضي من الليل ثلثه أو نصفه، ثم دخل البيت وأخذ حظه من

الراحة، ثم قام يتطوع ويطيل القيام، ويشتغل بالذكر والمراقبة، ويكثر الدعاء والابتهال، وقد ينشد

الأبيات الرقيقة المرققة في المناجاة والعبودية إلى أن يصبح فيصلي، وإذا صلى إماماً في سفر

وحضر التزم السنن وقرأ من السور ما صح في الحديث وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله

وسلم، لا يخل بذلك، وكان في آخر عمره غلبت عليه الحمية الدينية والغيرة للشرع والسنة النبوية،

فكان لا يتحمل تفريطاً فيها، وقد تعتريه الحدة في ذلك ويعلو صوته، ويشدد الإنكار على من خالف

السنة أو استخف بشعائر الإسلام، وكان شديد الحب لأساتذته ومشايخه، شديد الغيرة فيهم، وكانت له

ملاحظات في بعض آراء شيخ الاسلام ابن تيمية وما تفرد به في بعض المسائل والآراء.

كان مربوع القامة، كبير الهامة، عريض الجبهة واسع العينين، أسمر اللون، جسيماً مفتول الذراعين،

قوي البنية، وقوراً مهيباً في غير عبوس أو فظاظة، طلق الوجه دائم البشر، وكان يلتزم الملابس

الثخينة من النسج الوطني، وكان شديد البغض للإنجليز كشيخه محمود حسن، شديد الحب والبغض

في الله، وكان قد راض نفسه على النوم والانتباه، ينام إذا شاء وينتبه متى أراد، وكان شديد العبادة

والاجتهاد في رمضان، وكان يؤمه مئات من المريدين، ويصومون معه ويقومون، ويتحول المكان

الذي يقضي فيه رمضان إلى زاوية عامرة بالذكر والتلاوة، والسهر والعبادة.

كان قليل التصنيف، له الشهاب الثاقب......... وسفرنامة مالطه في وصف آيامه في أسر مالطه

وأخبار أستاذه شيخ الهند...... ونقش حياة في مجلدين، أكثره في التاريخ السياسي، وقد جمعت

رسائله في ثلاثة مجلدات.

الشيخ حسين علي السنديلوي

الشيخ الفاضل حسين علي بن غلام مرتضى العمري السنديلوي كان أصله من صفي بور، ولد

بسنديله سنة أربعين ومائتين وألف، وقرأ العلم على والده، ثم دخل لكهنؤ وأخذ عن علمائها، ثم تصدر

للتدريس.

وله مصنفات، منها ديوان الشعر، وشرح أربعين كافا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015