والده وعلى غيره من العلماء، وتصدر للتدريس

في حياة والده، وبعده ولي به في مدرسة مظاهر العلوم، فدرس بها مدة واعتزل عنها في ربيع الأول

سنة أربع عشرة وثلاثمائة وألف، وراح إلى حيدر آباد، وولي التدريس بدار العلوم.

وكان شاعراً قديراً من المكثرين والمجيدين، مات بحيدر آباد، في السادس عشر من محرم سنة سبع

وثلاثين وثلاثمائة وألف.

مولانا حبيب الرحمن خان الشرواني البهيكن بوري

المعروف بنواب صدر يار جنك

الشيخ الفاضل حبيب الرحمن بن محمد تقي الشرواني الحنفي البهيكن بوري أحد الفضلاء

المشهورين بالهند.

ولد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ثلاث وثمانين ومائتين وألف بقرية بهكين يور من أعمال علي كده،

ونشأ بها في رفاهة من العيش بظل والده وعمه نواب عبد الشكور خان، وعمر والده قرية باسمه

حبيب كنج وأسس بها قلعة لمسكنه، وكان تلوح عليه علائم الرشد والسعادة في صغر سنه، فاشتغل

بالعلم أياماً على المولوي عبد الغني القائم كنجي وقرأ عليه العلوم المتعارفة، وأخذ عن شيخ شيخه

المفتي لطف الله الكوئلي أيضاً، وتعلم اللغة الإنكليزية في مدرسة العلوم بعليكده، وفي مدرسة كانت

بآكره، وأقبل إلى الإنشاء والشعر، ثم إلى العلوم الشرعية، واستقدم شيخنا المحدث حسين بن محسن

الأنصاري من بهوبال وقرأ عليه الصحاح قراءة تدبر وإتقان، وأجازه الشيخ، وإني أظن أنه ذكر لي

أن الشيخ عبد الرحمن بن محمد الأنصاري الباني بتي أيضاً أجازه في الحديث، ودخل في الحادي

والعشرين من رجب سنة خمس وثلاثمائة وألف في قرية مراد آباد، وبايع الشيخ الكبير فضل

الرحمن البكري المراد آبادي.

وبالجملة فإنه نال الفضيلتين، وجمع الكتب النفيسة من كل علم وفن وأكثرها خطية نادرة الوجود،

وصنف الكتب، وله مكارم وفضائل، وحسن خلق، واشتغال بالعلوم والعبادات، والقيام بوظائف

الطاعات، وقضاء حوائج المحتاجين، والسعي في صلاح المسلمين، قلما يقر على القيام به غيره.

ثم اختار الله سبحانه له الصدارة في بلاد الدكن الإسلامية مع ما منحه من غزير المال والرئاسة في

بلاده، فترك الأهل والوطن ابتغاء لوجه الله سبحانه في خدمة المملكة الإسلامية، تقبل الله منه وأيده

فيما أراد من الخيرات، ولقد طلبه المير عثمان علي خان صاحب الدكن بما توسم منه الخير من غير

أن يذكره لديه أحد، وذلك في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وألف، فعينه وزيراً للأمور الدينية،

والأوقاف الإسلامية، وخصه بالتكريم، واستقام على هذا المنصب الخطير نحو ثلاث عشرة سنة، مع

عفة ونزاهة وعزة نفس، واجتهاد في خدمة العباد والبلاد، وإعانة على المصالح الإسلامية والمشاريع

الخيرية، متمتعاً بثقة صاحب الأمر، وثناء أهل العلم والدين، كان له سهم وافر في تأسيس الجامعة

العثمانية في حيدر آباد، التي قررت تدريس العلوم والفنون في لغة أردو لأول مرة، وفي تكوين قسم

الدراسات الدينية في هذه الجامعة، الذي كانت له فائدة كبيرة في تخريج الشباب الجامعين بين العلوم

الدينية والعلوم المدنية، حتى اعتزل عنه وأحيل إلى المعاش حوالي سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة

وألف، ولزم بيته محفوفاً بالكرامة، منقطعاً إلى مطالعة الكتب، وجمع النفائس منها، متوفراً على خدمة

المراكز الدينية والجهود التعليمة، مشغولاً بالذكر وأنواع العبادات.

وقد وفقه الله للحج سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف، فسافر إلى الحجاز على قدم صدق وإخلاص،

لا يصرف وقتاً، ولا همة في غير مقاصد الحج وعباداته، وزار مدينة الرسول صلى الله عليه وآله

وسلم

، واستفاد من مكتباتها وعلمائها.

وكانت له عناية كبيرة بندوة العلماء من أول عهد قيامها إلى آخر يوم من أيام حياته، فكان عضواً

تأسيسياً في لجنتها في أول يوم، واختير ثلاث مرات رئيساً لحفلاتها السنوية، وكان من أبرز

أعضائها العاملين، شديد الاقتناع بمبادئها التعليمية والإصلاحية، ولما صدرت مجلة الندوة سنة اثنتين

وعشرين وثلاثمائة وألف كلسان حال ندوة العلماء اختير العلامة شبلي بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015