له الشّيخ: يا غانم، قل اللهم إن كان غانم سالما فسلم، وإن كان كاذبا فاهتك السّتر وعجّل، فقال ذلك، فقال الشّيخ وأصحابه: آمين وكرّرها ثانيا، (وقالوا:

آمين) (?)، وانصرف (?) الشّيخ وأصحابه، وكان غانم هذا قتل والد فارس معه في الخيل، وعفا عنه فقال له ولد المقتول: يا ابن عمّي فضحتنا بين العرب، يقول العرب والنّاس إنّ الفلانيين أخذوا العبيدلي وهو شيخ إفريقية، فقال له: وأي فضول أدخلك في هذا؟ فتغالى معه في الكلام، فضرب الفارس غانما بمزراقه فقتله، وفتّشوا جيبه فوجدوا السّبعة دنانير فيه، فلحقوا الشّيخ وأعلموه بموته، وأعطوا لصاحب الدّنانير دنانيره.

ونقل عن الشّيخ ثعلب عن الفقيه أبي عبد الله محمد الجذامي قال: كنا نجوّد على الشّيخ العبيدلي بعد صلاة العشاء الأخيرة وإذا برجل دخل على الشّيخ فقال له: إن عجوز السّلطان من أولاد أبي يحيى / أبي بكر، دخل القيروان، وإنّ النّاس خافوا منه أن يقيم عندهم فقال: انصرفوا، وغلق الباب، فلمّا بقي السّدس الأخير من الليل جئنا للقراءة عليه فقال: عجوز خرج أم لا؟ فقلنا: ما نعرف، فقال: إن رجلا يقرأ عليه المؤمن من الجنّ، قالوا (?) له: ما تريد نعمل في عجوز؟ أتقتله أم تخرجه؟ فقال:

أخرجوه، والغالب أنّه يخرج، فظهر أنّه سرى بالليل وأصبح في بعض قرى السّاحل، وقال بعض أهل ذلك الموضع: سلموا على الشّيخ العبيدلي وقولوا له: بلدة أنت فيها ما نزاحمك فيها، فعرفنا أنّ الرجل الذي ذكر هو نفسه.

وقال لي أبو عبد الله الجذامي المذكور: مرض الشّيخ العبيدلي فأشفق النّاس أن يموت من مرضه ذلك، فدخلت عليه أنا والحاج عبد الرّحمان الشّيحي والحاج أبو بكر الطّرّي، فقال أحدهما: يا سيدي رجل رأى في منامه أنّ السلطان أخذك والنّاس خافوا، فقال: أنعرفكم (?) ولا تعرفوا بي حتّى نموت؟ قلنا: نعم، قال: أطلعني الله على ما مضى من عمري وما بقي، وأنا ما نموت من هذه المرضة حتّى نحجّ، فكان كذلك.

وكان - رحمه الله - فقيها عارفا بالأحكام الشّرعية على غاية ونهاية، فمن فقهه أنّه يقول: قبول الهديّة أفضل من قبول الزّكاة وخالفه أبو عبد الله الرماح (?) شيخه (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015