الرّقاد مع الكلاب على المزابل وأكل خبز الشعير بنخّالته كثير لمن يرجو في الآخرة شيئا، وكان قوته من شعير يتولاّه له رجل من إخوانه يحرثه في أرض حلال وبذر حلال وبقر حلال يوجّهه إلى أبي إسحاق شيئا فشيئا، فإذا أصاب فيما زرع أكثر من القوت تصدّق به.
وكان يتوطّأ (?) الرّمل، فإذا كان الشّتاء أخذ قفاف المعاصر الملقاة على المزابل يجعلها تحته.
وأعانه الله بأبناء صالحين، كان عنده سبعة من الولد: أبو بكر وأبو الطّاهر وأحمد وأبو عبد الله محمّد وأبو الحسن علي وأبو زيد عبد الرّحمان، وأبو محمّد عبد الله.
مات عبد الله (?) وهو دون الثّلاثين سنة، وكان - رحمه الله - أشدّ من الشّيخ إجتهادا في العبادة، قتله القرآن، كلّما مرّ بآية فيها وعد ووعيد يبكي حتّى أذاب الحزن فؤاده، فمات رحمه الله، لقّنه والده حتّى مات فأغمضه، ثمّ استرجع على المصيبة ودعا له، ثمّ قال لزوجته أمّ عبد الله، وكانت قريبة من الشّيخ في الفضل والعبادة: إحمدي الله (?) واشكريه فقد مات عبد الله على الإسلام وحصل في صحيفتك، فإن كان عندك طيب فتطيّبي وتجمّلي لنعم الله، ثمّ قام فتوضّأ / وأخرج مئزرا قديما عنده تجمّل به، وركع، ثمّ جلس للنّاس، وظهر عليه من البشر والفرح ما لم يكن يظهر عليه قبل ذلك.
وتوفّي عبد الرّحمان (?) بعد الشّيخ بثلاث سنين، كان يختم كل ليلة.
وكان الشّيخ أبو إسحاق يسرد الصوم ولا يفطر إلاّ في الأيّام التي لا يحلّ صومها (?) ويختم القرآن في ثلاثة أيام بلياليها لأنّه كان يقرأ ويتدبّر، وإذا دخل في الصّلاة فلو سقط البيت الذي هو فيه ما التفت إليه إقبالا على صلاته واشتغالا بمناجاة الله، وقام سنة في آية {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} (?).
وقال أحمد بن عيشون لمّا حججت أتيت معي بحصيّات من حصى المسجد