كرها إلى أن نزل على الكاف فوضع بحصاره خزائنه من {الشَّهَواتِ [مِنَ] النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} (?)، ونزلت محلّة الجزائر بقرب منه، وعظمت عليهم كيفيّة دخول الوطن.

فبينما هم كذلك إذ أقبل محمّد باي على محلّة الجزائر وصار معهم لحمة واحدة، هذا وعلي باي يركب كلّ يوم يجاذبهم الحرب حين رآهم بعين الحقارة وهم كأنّهم صمّ بكم إلى يوم السّبت أواخر جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وألف (?) تهيّؤوا / وأوقدوا نار الحرب وتركوه حتّى توجّه لمحلّتهم وظنّ أنّه ظفر بهم دهموا محلّته وأخذوها، فرجع علي باي متقهقرا فنزل أهل الكاف وقبلوا محمد باي وبقي الحصار (?) مغلقا متمسكا بعهد علي باي، وكان من فيه لا يلتفتون إلى من حولهم ممّن هو خارج الحصار لاستغنائهم بما عندهم من الذّخيرة وآلات الحرب، فكان من رأي محمد باي أن كتب كتابا لصاحب قفصة يأمره أن يحضّر له أخبية، فسقط الكتاب ووقع بيد أهل الكاف الّذين فتحوا وأطاعوا وعلموا أن هذه الخيم لم تكن (?) إلاّ لحصول الدّرك الأكبر وإن إنفتح هذا الباب تعسّر سدّه، فكان من رأيهم أن يغتنموا الفرصة بمضايقة الحصار أشدّ المضايقة ليفتح وتخلص القضية (?)، فهيّؤوا رجالا تقوم بالعسس ليلا ونهارا، واتّفق أنّ القائد مراد باي خليفة علي باي قدم بعسكره ولا علم عنده بما وقع على أستاذه وحسب أنّ الكاف باق من غير فتح، فخرج له أهل الكاف مقاتلين، فلمّا رآهم فرح وظنّهم له فكانوا عليه، فلم ينج إلاّ هو وخاصته ففرّوا هاربين فعثروا في هربهم بقوم إجلاص (?) أتباع محمد باي فما خلصوا إلاّ أن قالوا: إنّا من جانب محمد باي وقصدنا المسير للقيروان، فأدخلوهم (?) القيروان فبلغ الخبر لتونس فأخبروا محمد باي وسيّروا جوابهم صحبة محمّد سبنيور، فلمّا بلغ سبنيور ذبحه محمد باي وقيّد من جاء / صحبته، وسبب ذلك أنّ أحمد شلبي الدّاي (?) لمّا بلغه دخول مراد للقيروان إستبشر وأطلق المدافع فخشي محمد باي أن يكون ذلك السّرور تحته داء دفين فأهانه بهذه الفعلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015