من سبقت له من الله العناية، وفتح القلعة من نصره الله من المسلمين، ورفعت الرّاية السّليمانية على أعلى مكان من القلعة، ووقع السّيف في الكفّار، فقتل منهم من قتل، وأسّر من بقي، وعند وصول خبر الفتح للسّلطان / فرح، وحمد الله على هذه النّعمة العظيمة، وقال: الآن طاب الموت، فهنيئا لهذا السّعيد بهذه السّعادة الأبديّة، وطوبى لهذه النّفس الرّاضية المرضية، (من الّذين) (?) {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (?).

ولمّا انتقل لدار السعادة، والحسنى وزيادة، أخفى حضرة الوزير الأعظم محمد باشا - رحمه الله تعالى - وفاة السّلطان - رحمه الله - وخرج من عنده وفرق الجوائز السنية والإنعامات، وأعطى الأمراء والأتابكية (?) الترقيات (?) عملا بمقتضى السياسة السّلطانية عند الفتوحات، وأمر بإرسال البشائر إلى سائر الأقطار والجهات، وأرسل سرّا يستدعي السّلطان سليم خان ولد السّلطان سليمان خان المرحوم واستعجله في سرعة القدوم عليه، وكتم ذلك عن جميع الناس الخاص والعام، فأحسن تدبير السّياسة بذلك لأنهم لم يزالوا بديار الكفر بعيدين من ديار الإسلام، فوصل ركاب السّلطان سليم خان فأمر العساكر بالرجوع إلى أوطانها، وحمل السّلطان سليمان معه وعاد بأركان دولته وعساكر بابه العالي إلى القسطنطينية، فخرج إلى إستقباله جميع العلماء والولاة وسائر الناس من خاص وعام، فصلوا على المرحوم السّلطان سليمان، وأمّ (?) النّاس المفتي الأعظم عالم زمانه وعلامة أوانه مولانا أبو السّعود أفندي المفسّر - رحمه الله تعالى - ودفنوه في تربة أعدّها لنفسه في قائم حياته، ورثاه الشّعراء بكل لسان بقصائد سارت بها الرّكبان / أعظمها قصيدة المفتي المشار إليه وهي طويلة فلنذكر بعضها تبرّكا بالقائل والمقول فيه، وهي من البسيط مبدؤها:

[البسيط]

أصوت صاعقة أم نفخة الصّور ... فالأرض قد ملئت من نقر ناقور

أصاب منها الورى دهياء (?) داهية ... وذاق منها البرايا صعقة الطّور (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015