سفره المبارك إليها لعشرين من رجب سنة ثمان وعشرين وتسعمائة (?)، وكان وصوله إلى رودس ونزوله عليها في شهر رمضان من السّنة المذكورة، فأحاطوا بها برّا وبحرا، ولم يمكن من في (?) البرّ أن يقرب من سور حصارها للخندق العظيم المحيط به مع صونه بالمدافع العظيمة، ولم يمكن من في البحر القرب والدّخول للمرسى (?) للسلسلة الممدودة من الحديد في البحر وللرمي على من يقربها بالمدافع الكبار، فكانوا يصيبون المسلمين بالمدافع ولا تصيبهم مدافع المسلمين، وإن وصل منها شيء لم ينفذ من السّور لمتانته وعلوه، فتأخّرت عساكر البرّ قليلا وأمروا بسوق التراب فساقوه حتى صار أمثال (?) الجبال فتمترسوا به، وصاروا يقدّمون تلك المتاريس قليلا قليلا إلى أن وصل التّراب إلى الخندق فألقوه فيه فامتلأ وقرب من جدار الحصن (?) وارتفع عليه، وصار الكفّار الفجّار تحت المسلمين يصابون ولا يصيبون على الضّدّ ممّا كان حالهم قبل، فرمى المسلمون عليهم بالنّار إلى أن عجزوا ووهنوا وتحققوا أنهم مأخوذون، فطلبوا من السّلطان سليمان الأمان وسلّموا له البلاد على شرط أن يخرجوا نساءهم وأولادهم وأموالهم ويتوجّهوا حيث شاؤوا ولا يتعرض لهم أحد من الجند، فأجابهم السّلطان إلى ذلك بعد أن نهاه الوزراء عن أمانهم لسقوط (?) قوة الكفر وإنهم إذا نجوا بهذه / الخزائن أمكنهم التقوي بها وجمع عساكر من النصارى أعداء الدّين، فيعودون لأذيّة المسلمين، فلم يصغ السّلطان إلى منعهم فأعطاهم الأمان، فخرجوا بجميع أموالهم وأهليهم وما يعز عليهم وتوجّهوا للمغرب، وعمّروا جزيرة مالطة - دمّرها الله تعالى - فعادوا لأذيّة المسلمين فقطعوا الطّريق كما كانوا يصنعون برودس (?)، فندم السّلطان سليمان على إعطائهم الأمان، وأرسل إليهم عمارة عظيمة وعساكر كثيرة (?) لأخذهم واستئصالهم آخر عمره لنظر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015